تحملها، وإذا لم يبق بينه وبين زمن الحج زمن يمكنه فيه المسير فلا يلزمه الحج في هذه السنة ويكون موسعا عليه فيه إلى الوقت الذي يمكنه في المسير من السنة القابلة فيجب عليه حينئذ الخروج والله أعلم.
الرابع: قال في الطراز: إذا كانت له طريق وتعذرت عليه كخوفها من عدو أو غور مائها وشبه ذلك مما يتعذر معه السفر، فإن كانت له طريق أخرى لم يسقط الوجوب، وإن كانت أبعد كما لا يسقط الوجوب عمن بعدت داره إلا أن يكون في كلا الطريقين عذر قاطع انتهى وأصله للخمي ونصه: الحج يجب في البر على الطريق المعتاد من غير عزم يغرمه لمانع طريق، فإن منع من ذلك الطريق ووجد السبيل من غيره، وإن كان أبعد منه لم يسقط الحج، وإن كان أوعر بأمر يدركه فيه مشقة أو كان مخوفا من سباع أو عدو أو لصوص أو ما أشبه ذلك لم يلزمه الحج انتهى. ونقله صاحب الشامل ونصه: ويعتبر الامن على النفس اتفاقا وعلى المال من لصوص على المشهور أو ما يأخذ ظالم مما يجحف به أو غير معلوم إن لم يجد طريقا سواه، أو كانت مخوفة أو وعرة تشق وإلا وجب كأخذه ما لا يجحف على الأظهر إن لم ينكث انتهى. وجعل اللخمي من العذر أن تكون الطريق الثانية أوعر بأمر يدركه فيه مشقة يريد المشقة العظيمة كما تقدم.
قلت: وإذا كان له طريقان يمكن سلوك كل منهما وإحداهما توصل في عام والأخرى في عامين، تعين عليه سلوك القربى على القول بأن الحج على الفور، ويترجح سلوكها على القول بالتراخي كما سيأتي إن شاء الله للخمي في مسألة سلوك البر والبحر.
الخامس: السلطان الذي يخاف أنه متى حج اختل أمر الرعية ويفسد نظامهم من خوف عدو الدين أو المفسدين من المسلمين ويغلب على الظن وقوع ذلك، فالظاهر أنه غير مستطيع كما يؤخذ ذلك من كلام ابن رشد الآتي عند قول المصنف وفضل حج على غزو وسئلت عن ذلك وعن حكم استئجاره من يحج عنه بما نصه: ما قولكم في سلطان عليه حجة الاسلام وخاف أنه متى حج بنفسه اختل أمر الرعية وفسد نظامهم واستولى الكفار على بلادهم، فهل يجوز له أن يستأجر من يحج عنه أم لا؟ أو ما الحكم في ذلك؟ فأجبت إذا تحقق ما ذكر من اختلال أمر الرعية وفساد نظامهم واستيلاء الكفار على بلادهم بسبب حج هذا السلطان، فلا كلام في سقوط الحج عنه لأنه غير مستطيع ويصير الحج في حقه غير واجب. والمشهور في المذهب كراهة هذه الإجارة حينئذ فيه، وصحتها إن وقعت والحالة هذه والله أعلم. ومقابل المشهور يقول بجوازها ابتداء. وأجاب سيدي أبو القاسم ابن القاضي أبي السعادات بأنه إن كان لا يرجى له زوال ذلك فحكمه حكم المغصوب فيجوز له الاستئجار، وإن رجى زوال ذلك لم يجز وهو كالمرجو الصحة ونصه: الأصل أن العبادة البدنية لا يجوز فيها النيابة لكن لما