مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٥٨
راحلة فيعتبر ما عجز عنه منهما أي من الزاد والراحلة في جانب الوجوب ومتى وجد المعجوز عنه وجب، ويحتمل أن يعتبر المعجوز عنه منهما في جانب السقوط فمتى عجز عن أحدهما سقط، وكلامه شامل لثلاث صور لأنه إما أن يعجز عن الزاد فقط فيعتبر في حقه وجوده ووجود ما يحمله عليه إن لم يقدر على حمله أو يعجز عن المشي فيعتبر في حقه وجود المركوب بكراء أو بشراء أو يعجز عنهما فيعتبران جميعا. قال سند: فإن لم يقدر على المشي ولم تكن له صنعة اعتبر في حقه وجود الزاد والراحلة، فإذا قدر عليهما ولم يكن به مرض ولا ضعف يمنعه من الركوب فهذا يجب عليه وإن لحقته مشقة إلا أن تكون عظيمة لا يمكنه تحملها مثل أن يشق عليه ركوب القتب والزاملة فيعتبر في حقه وجود المحمل، وإن قدر على المشي ولم تكن له صنعة تقوم به اعتبر في حقه وجود الزاد المبلغ إلى مكة أو ما يرد به إلى بلده على ما يأتي من الخلاف. فإن كانت له صنعة إلا أنها لا تقوم به فإذا وجد من الزاد ما يقوم به مع صنعته وجب عليه الحج ولو كانت له صنعة تقوم به ولكنه لا يقدر على المشي اعتبر في حقه وجود الراحلة انتهى.
تنبيهات: الأول: ظاهر كلام المصنف أن من " له قدرة على المشي يجب عليه الحج وإن لم يكن المشي من شأنه وعادته وهكذا قال اللخمي، وسيأتي الخلاف فيه في التنبيه الذي بعده.
الثاني: يشترط في الصنعة التي يلزمه الخروج معها أن لا تزري به. قال اللخمي قال القاضي عبد الوهاب: من قدر على الوصول إلى مكة من غير تكلف بذلة يخرج بها عن عادته لزمه الحج. قال اللخمي: أما الخروج عن عادته في المشي إذا لم يكن عادته وشأنه فغير مراعى ولم يزل الناس والصحابة يعدون ذلك شرفا، وإن أراد التكفف والسؤال فيمن ليس ذلك شأنه فحسن انتهى. وقوله بذلة متعلق بتكلف وقال ابن عرفة: وفي كون قدرة غير معتاد المشي عليه استطاعة قولا اللخمي والباجي مع القاضي انتهى. قلت: وافقهما صاحب الطراز فإنه ذكر كلام القاضي ثم قال بعده: والذي قاله بين فإن قيل: المشي في الحج فضيلة. قلنا: نعم غير أنه لا يلزم والقاضي تكلم فيما يلزم انتهى. وظاهر كلام المصنف هنا وفي مناسكه اللزوم وإن لم يكن معتادا كما قال اللخمي، وأما كون الصناعة التي يفعلها يعتبر فيها أن لا تزري به فظاهر وقد قال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب: أما من قدر على أن يؤاجر نفسه وهو حاج ولا يزري ذلك به فيجب عليه الحج والله أعلم.
الثالث: تقييده هنا الأعمى بوجود القائد وإدخاله عليه الكاف أحسن من تركه الامرين في مناسكه لما بيناه، ولكن يحمل كلامه هناك على ما قاله هنا والله أعلم.
الرابع: إذا قدر أن يمشي بعض الطريق ويركب البعض ووجد إلى ذلك سبيلا لزمه الحج قاله في الطراز هو واضح.
(٤٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 ... » »»
الفهرست