أن يضيع من يقوت. هذا على قولنا إن فريضة الحج على التراخي فيكون حق الولد والزوجة تقدما عليه كما يقدم على الكفارة. وإن قلنا على الفور كان أولى من النفقة لأن نفقة الزوجة لم تتعين إن شاءت صبرت وإن شاءت فارقت، ونفقة الأقارب مواساة تجب في الفضلة فلا يترك لها ما تعين فعله. قال ابن القاسم في العتبية فيمن لا يملك إلا قرية وله ولد قال: يبيعها لحج الفريضة ويدع ولده في الصدقة انتهى. قلت: وهذا والله أعلم ما لم يخش العنت من مفارقتها بأن يقع في الزنا معها أو مع غيرها فيقدم نفقتها كما سيأتي في التنبيه الذي بعده.
وعزا بيع القرية التي لا يملك غيرها لابن القاسم كما فعل صاحب التوضيح وقد تقدم أنه لمالك والله أعلم.
الثالث: من عنده ما يكفيه للحج أو للزواج فعلى القول بالفور يجب عليه أن يقدم الحج ويحرم عليه تأخيره إلا أن يخشى على نفسه العنت فيتزوج ويؤخر الحج، وإن لم يخف العنت وقدم التزويج أثم والنكاح صحيح بلا خلاف ولا يؤخذ من المرأة الصداق. قال في رسم تأخير صلاة العشاء من سماع ابن القاسم من كتاب الحج: وسئل عن الرجل يكون عنده ما يتزوج به أيتزوج أو يحج؟ قال: بل يحج. قال ابن رشد: وهذا كما قال لأن التزويج وإن كان مندوبا إليه فالحج آكد عليه منه. وهذا على القول بأنه على التراخي، وأما على الفور فهو الواجب عليه دون التزويج فليس له أن يتزوج ويؤخر الحج فإن فعل كان آثما ولم يفسخ النكاح ولا يؤخذ من الزوجة الصداق إلا أن يخشى على نفسه العنت إن لم يتزوج فله أن يتزوج ويؤخر الحج حتى يجد ما يحج به من الزاد وشراء راحلة أو كرائها إن كان ممن لا يقدر على المشي على مذهب مالك انتهى. ونقله ابن عرفة باختصار مجحف. وفي البراذعي في آخر كتاب الحج الثاني: وينبغي للأعزب يفيد مالا أن يحج به قبل أن ينكح انتهى. وكذلك اختصرها ابن يونس وابن أبي زيد بلفظ ينبغي. وقال القاضي سند: وسئل مالك عن الرجل يكون عزبا فيفيد ما يكون كفاف الحج أو التزويج بأيهما يبدأ؟ قال: يحج ولا يتزوج. وكذلك اختصرها التونسي.
وقال اللخمي قال مالك: إنه يبدأ بالحج ولم يبين هل ذلك واجب أو مستحب. فعلى قوله إنه على الفور يكون واجبا، وعلى القول إنه على التراخي يكون مستحبا ولا أعلمهم يختلفون بعد القول إنه على الفور إن قدم التزويج أنه ماض ولا يرد المال من الزوجة انتهى. وقال سند أيضا في شرح مسألة الحج الثاني المتقدمة في باب تبدئة الحج على غيره: وجملة ذلك أن من قدر على الحج وهو ضرورة فلا ينبغي أن يؤخر ذلك إذا قلنا على التراخي، وعلى القول بالفور يحرم التأخير ما لم يخف العنت فيبدأ بالتزويج فإذا لم يخش العنت فنكح فنكاحه صحيح ولا ينزع الصداق من الزوجة وذلك بمثابة ما لو تصدق بالمال أو اشترى به عبدا فأعتقه فإن الصدقة ماضية والبيع والعتق لوقوع العقد على شرائطه ويجرح في باب الحج انتهى. ويريد والله أعلم بقوله ويجرح في باب الحج أن ذلك جرحة في شهادته لأنه فعل محرما، فقد صرح في