العتبية قال مالك في المسافر يقيم في المنزل يوما وما أشبه ذلك: فيجوز له أن يفطر ما كان يجوز له أن يقصر. وهذا كما قال مما لا اختلاف فيه لقول الله عز وجل: * (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) * إلا أن مالكا استحب له الصيام ويكره له الفطر لقوله عز وجل: * (وأن تصوموا خير لكم) * انتهى. وفهم من كلام المصنف أنه يجوز الفطر للمسافر في البحر إذا كان سفرا تقصر فيه الصلاة لأنه سفر قصر، وقد صرح بذلك في رسم باع غلاما من سماع ابن القاسم من كتاب الصيام ونقله ابن عرفة وغيره ونص السماع: وسئل عن المسافر في البحر يريد أن يفطر فقال: له ذلك. قال ابن رشد: وهذا كما قال إن المسافر في البر والبحر سواء في جواز الفطر لقوله تعالى: * (هو الذي يسيركم في البر والبحر) * ووجوب القصر وهذا مما لا اختلاف فيه أحفظه انتهى. ونص ابن عرفة: وسفر القصر يبيح فطره. وسمع ابن القاسم البحر كالبر. الشيخ: وروى ابن نافع: لو أقام ببلد ما لا يوجب إتمامه انتهى. وانظر التلقين والمعونة. وفهم أيضا من كلام المصنف أنه يفطر ولو أقام يومين أو ثلاثة ما لم ينو إقامة أربعة أيام لأنه سفر قصر. وصرح به في النوادر وتقدم نقله عنه في كلام ابن عرفة المتقدم.
فرع: قال الجزولي: ويفطر في السفر الواجب والمندوب من غير خلاف، واختلف في المباح والمكروه والمحظور والمشهور يجوز له الفطر في المباح ولا يجوز في المكروه ولا المحظور انتهى.
تنبيه: رأيت بخط بعض طلبة العلم عن شارح الرسالة الزهري أن من تعمد السفر في رمضان لأجل الفطر أنه لا يفطر ويعامل بنقيض مقصوده. وهذا ظاهر لأن سفره حينئذ لا يكون مباحا إذا لم يكن له غرض إلا الافطار. قال: وكذلك من كان له مال يبلغه الحج فتصدق بجله ليسقط عنه الحج. ذكر ذلك عند قول الرسالة: وإن حاضت لأربع ركعات من النهار وإنها لو كانت تعلم أن ذلك يوم حيضتها وأخرت الصلاة إلى ذلك الوقت عمدا فإنه يلزمها القضاء انتهى. وذكر الشيخ يوسف بن عمر هذه المسائل الثلاث إلا أنه قال: إن الحائض لا يلزمها قضاء وهي عاصية، والمتصدق يسقط عنه الحج، والمسافر لا يلزمه إلا القضاء. وزاد:
المقيم يؤخر الصلاة إلى آخر الوقت فيسافر ويصلها صلاة قصر له ذلك. وكذلك الجزولي ذكر هذه المسائل كما ذكر الشيخ يوسف بن عمر ثم قال: وهذا مؤثم في هذا كله. وما ذكره الشيخ يوسف بن عمر والجزولي في المسائل المذكورة ذكره اللخمي في زكاة الخلطاء من تبصرته إلا أنه قاله وجميع ذلك مكروه ونصه: ومن البخاري قال أنس: قال النبي (ص): لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين مفترق خشية الصدقة. ثم قال: اختلف في الحديث هل محمله على الوجوب أو الندب؟ والمعروف من قول مالك وأصحابه أن المعروف محمل الحديث على الوجوب. وروي عنه في مختصر ما ليس في المختصر فيمن باع إبلا بعد الحول بذهب فرارا أنه يزكي زكاة الذهب. فعلى هذا محمل الحديث عنده على الندب لأنه فر قبل