مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٣٤٠
متابعته من ذلك فلا اختلاف في أن عليه تجديد النية لكل يوم انتهى. والذي أشار إليه صاحب التوضيح في العتبية هو في سماع موسى ونصه: قال مالك: لا يجزيه الصيام في السفر إلا أن يبيته في صيام رمضان. ابن رشد: معناه أنه لا يجزئه الصيام في السفر في رمضان إلا أن يبيته كل ليلة وإن نوى أن يتابع الصيام في سفره، وأما إن لم ينو متابعة الصيام فلا خلاف أنه لا بد له من التبييت في كل ليلة. وفي المبسوط لمالك: أنه لا تبييت على من شأنه سرد الصيام ومثله في الواضحة. وقال أبو بكر الأبهري ومحمد بن الجهم:
وهذا استحسان، والقياس أن عليه التبييت في كل ليلة لجواز الفطر، فما له في المبسوط لمالك خلاف قول مالك في هذه الرواية، وقد مضى هذا المعنى في أول رسم سلف من سماع عيسى وبالله التوفيق انتهى وعلم من كلام المصنف أن المسافر إذا فرغ من سفره وأقام فلا بد له من تجديد النية لما بقي من صومه الذي يجب عليه فيه التتابع من باب أحرى، وكذلك المريض إذا صح لأن ما بعد السفر والمرض كصوم مبتدأ، وكذلك الحائض وكل من أفطر لعذر أو لغير عذر فلا تكفيه النية الأولى لأنه إذا كانت النية الأولى ينقطع حكمها بارتفاع وجوب التتابع، ولو كان التتابع حاصلا فأحرى أن يرتفع حكمها بانقطاع التتابع حسا. قال في التلقين: وأما قطع النية فهو بإفساد الصوم أو تركه على الاطلاق لعذر أو لغير عذر أو لحصول الوجه الذي يسقط معه الانحتام وأن أثر الصوم معه كالسفر والمرض أو لا ينقطع استدامتها وإنما ينقطع استصحاب ابتدائها انتهى. ففهم من قوله: بإفساد الصوم أنه لو فسد صوم يوم من رمضان أو من الصيام الذي يجب تتابعه فإن حكم النية ينقطع ولو كان بالفطر فيه ناسيا، ولا بد من تجديدها لما بقي منه. وقد صرح بذلك في التوضيح وقال:
إنه إذا انقطع التتابع بفطر لمرض أو حيض أو سفر أو نسيان فإنه يلزمه تجديد النية على المشهور. قال: وعبر عنه في التنبيهات بالمعروف انتهى. مع أن الفطر ناسيا لا يقطع التتابع بلا خلاف كما سيأتي تحقيقه في كتاب الظهار. أن كلام المصنف يقتضي أن فيه خلافا.
وفهم من قول التلقين: أو بحصول الوجه الذي يسقط معه الانحتام ما تقدم في حق المسافر والمريض وقوله: ولا يقطع استدامتها إلى آخره يعني به أن حصول المرض والسفر في أثناء النهار لا يقطع استدامة النية حكما في ذلك اليوم، وإنما يقطع استصحابها في ابتداء الصوم فيما بعد ذلك والله أعلم. وقال في التوضيح: وانظر إذا أفطر متعمدا لغير عذر، هل يلزمه التجديد اتفاقا ويجري فيه الخلاف؟ وعبارة ابن بشير لو طرأ في رمضان ما أباح الفطر هل يفتقر إلى إعادة التبييت في المذهب قولان انتهى.
قلت: قال في الذخيرة: الحكم السابع من أحكام الافطار قطع النية الحكمية. وفي الجواهر: تنقطع بإفساد الصوم أو تركه على الاطلاق لعذر أو لغير عذر أو بزوال التحتم كالسفر والمرض انتهى. وأصله في التلقين كما تقدم فتأمله والله أعلم. ويحتمل أن يريد المصنف بقوله:
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»
الفهرست