مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٢٨٧
أو جماعة لا يعتنون بأمر الهلال وضبط رؤيته، ونقل في التوضيح في ذلك قولين عن ابن الماجشون وسحنون، وكأنه ترجح عنده قول ابن الماجشون وهو الظاهر. وأما مسألة النقل إلى الأهل فمقتضى كلام ابن الحاجب أن فيها قولا بأنه لا يكفي ونصه: ويقبل النقل بالخبر إلى الأهل ونحوهم على الأصح. قال ابن راشد: ولم أقف عليه. وقال ابن عرفة: لا أعرفه. وقال ابن فرحون: فمقتضى قوله: على الأصح أن مقابله لا يكفي ولم يذكر أهل المذهب في قبوله خلافا. ويبقى على المصنف الكلام على ثبوت الهلال برؤية العدل الواحد إذا لم يكن هناك من يعتني بأمر الهلال فإن المشهور حينئذ ثبوت الهلال برؤية العدل الواحد، ويمكن أن يقال:
يؤخذ ذلك من قوله: أنه يكتفي حينئذ بنقل العدل فيكتفي أيضا برؤية العدل الواحد إما بطريق القياس أو من باب الأولى. قال في التوضيح: وظاهر قول سحنون إنه لا بد من الشهادة بشرطها كان ثم حاكم أو لم يكن لأنه قال: لما قيل له إن أخبرك الرجل الفاضل بأنه رآه قال:
لو كان مثل عمر بن عبد العزيز ما صمت ولا أفطرت انتهى. قال الشارح في الكبير: وفي هذا الاخذ نظر ولعل سحنونا إنما قاله حيث كان هناك من يعتني بأمر الهلال، وأما إذا جعلنا قول المصنف لا بمنفرد مخرجا من رؤية العدلين أو راجعا للرؤية والنقل جميعا فيشكل قوله: إلا كأهله فإنه يقتضي أنه إذا رأى الشخص الهلال وحده في بلد بها قاض يعتني بالهلال أو جماعة يعتنون به أن يلزم أهله الصوم برؤيته وليس كذلك، إنما يلزم أهله الصوم برؤيته إذا لم يكن هناك من يعتني بأمر الهلال.
تنبيهان: الأول: المراد بقوله: ومن لا اعتناء لهم بأمره قال في التوضيح: إما بأن لا يكون لهم إمام البتة أو لهم إمام وهو يضيع أموالهم ولا يعتني انتهى. وقال الآبي: إنما تعتبر البينة في بلد بها قاض لأنه الذي ينظر في أمر البينة وعدالتها، ويتنزل منزلة القاضي جماعة المسلمين ينظرون كنظره فإن لم يكن في البلد معتن بالشريعة من قاض أو جماعة فذلك عذر يبيح الاكتفاء بالخبر بشرطه من الضبط والعدالة انتهى. وقال ابن فرحون في شرح قول ابن الحاجب: وإن لم يكن معتنون بالشريعة كفى الخبر يعني على شرطه من الضبط والعدالة، وعلى هذا يقبل فيه قول المرأة والعبد وتكون هذه ضرورة تبيح الانتقال من الشهادة إلى الخبر كما ينقله الرجل إلى أهل داره بل هو أولى. وفي المنتقى: إذا لم يكن بالموضع إمام أو كان وضيع فمن ثبت عنده برؤية نفسه أو برؤية من يثق به فيصوم بذلك ويفطر، ويحمل عليه من يقتدي به نقله الباجي وغيره عن عبد الملك انتهى.
الثاني: سئل أبو محمد عن قرى بالبادية متقاربة يقول بعضهم لبعض: إذا رأيتم الهلال فنيروا فرآه بعض أهل القرى فنيروا فأصبح أصحابهم صوما، ثم ثبتت الرؤية بالتحقيق، فهل يصح صومهم؟ قال: نعم قياسا على قول عبد الملك بن الماجشون في الرجل يأتي القوم فيخبرهم أن الهلال قد رؤي. نقله عنه المشذالي في حاشية المدونة.
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست