خاف أن يظهر عليه اتفاقا، وأما إذا أمن من الظهور فقال مالك في العتبية وغيرها: لا يجوز له الفطر وهو الصحيح لما قد يتطرق إليه من الأذى مع تحصيل غرض الشرع بالفطر بالنية، وقيل:
إنه جائز قاله ابن الجلاب وحكاه ابن الحاجب فقال: لم يجز إفطاره على الأصح. واعترضه المصنف في توضيحه بقوله: لم أره منصوصا وإنما أخرجه اللخمي من مسألة الزوجين يشهد عليهما شاهدان بالطلاق ثلاثا والزوجان يعلمان أنهما شهدا بزور فقد قيل: إنه لا بأس أن يصيبها خفية، فالاكل مثله من باب أولى لأن التخفي في الاكل أكثر من الجماع، وكذلك ابن عرفة لم ينقله إلا عن اللخمي وكأنهما لم يقفا على كلام ابن الحاجب.
تنبيهات: الأول: هذا كله في الافطار بغير النية وأما الافطار بالنية فحكى ابن عرفة عن ابن رشد أن المذهب وجوبه، وعن ابن حبيب استحبابه وضعفه ونصه: والمنفرد بشوال في استحباب فطره حضرا بنية ووجوبه نقلا ابن رشد عن ابن حبيب مضعفا قوله والمذهب ويمنع بالاكل ولو أمن. اللخمي: لا يمنع أن أمن بحضر ولا بسفر مطلقا انتهى. وما ذكره عن ابن رشد هو في سماع أبي زيد ونصه: وأما إذا رأى هلال شوال وحده دون الناس وهو في جماعة فقال: إنه لا يجوز له أن يفطر إلا باجتماع من الناس، والفطر له فيما بينه وبين الله جائز بل هو الواجب عليه لنهيه عليه السلام عن صيام يوم الفطر لكنه حظره عليه لما فيه من تعريض نفسه للتهمة والعقوبة، ومثل هذا في المدونة والموطأ وغيرهما من الدواوين، وأبينه سماع أصبغ من طلاق السنة. واستحب ابن حبيب أن ينوي الفطر ولا يظهره، والصحيح أنه هو الواجب عليه وإن كان ذلك مخالفا للروايات، لأن الصوم من أفعال القلوب فلا يجوز له أن يعتقده وهو يعلم أنه حرام انتهى. وقال ابن ناجي في شرحه الكبير: ونقل ابن يونس عن أشهب ولينو الفطر وهو محتمل للقولين انتهى. وقول ابن رشد وإن كان ذلك مخالفا للروايات يعني لظاهر الروايات في قولهم لا يجوز له الفطر وإلا فليس في الروايات ما يقتضي وجوب الامساك بالنية بل قالوا: إذا حصل عذر يبيح له الفطر أفطر بلا خلاف. وسيأتي في كلام ابن عبد السلام أن ذلك واجب، فدل على هذا على أن الامر بالامساك إنما هو في الظاهر فقط والله أعلم.
الثاني: قال ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح: وإن أمكنه أن يأكل عند طلوع الفجر أو عند الغروب فحسن لأنه إن ظهر عليه حينئذ لم ينسب إلى الغلط.
الثالث: قال ابن عرفة: قال الباجي: يفطر المسافر وحده لاحتمال رؤية غيره، ولو علم عدم رؤية غيره وجب صومه. ابن زرقون: هذا وهم لأن للمسافر الفطر إلا أن يريد سفر غير القصر، قال ابن عرفة: لعله تبع سماع أبي زيد لا يفطر مسافر في جماعة وإن كان بمغارة وحده أفطر.
قلت: ما ذكره ابن زرقون ظاهر، وأما ما في سماع أبي زيد فيتعين حمله على أنه يريد أنه لا يجوز له أن يفطر على أن فطره للعيد، وأما إذا أصبح مفطرا على أن فطره للسفر فهذا هو الواجب عليه. قال ابن الحاجب: فإن كان عذر يخفيه كالسفر ونحوه أفطر. قال ابن عبد