مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٢٥٢
قلت: وما ذكره ابن رشد خلاف ما يقتضيه كلام صاحب الطراز ونصه: إذا جوز دفعها قبل الحول بنحو الشهر على قول ابن القاسم في العتبية فدفع نصف دينار عن عشرين دينارا أو شاة عن أربعين وبقي بقية ماله بيده حتى تم الحول، فهل يكون ذلك زكاة مفروضة أم لا؟ ظاهر كلام ابن القاسم أنها زكاة وهو قول الشافعي في الزكاة المعجلة. وقال أبو حنيفة: لا تكون زكاة. ثم قال: فلو تلف ذلك من يد الساعي قبل كمال الحول وقبل أن يدفعه للمساكين لم يضمنه على مقتضى المذهب لأنها زكاة وقعت موقعها، وذلك الوقت في حكم وقت وجوبها. وعند المخالف لا يقع ذلك موقع الزكاة بنفسه بل يقع على مراعاة شرائط الأداء عند انغلاق الحول. ثم قال: واختلفوا إذا تغيرت أحوال رب المال قبل الحول فمات أو ارتد أو تلف ماله هل له أن يسترد ما دفع؟ فقال أبو حنيفة: إن كان ذلك قائما بيد الامام استرجعه، وإن وصل إلى الفقراء لم يكن له إليه سبيل. وقال الشافعي وابن حنبل: له استرجاعه بكل حال.
وهذا إذا بين عند الدفع أنه زكاة معجلة. ثم قال: ولو تغير حال الفقير عند الحول فارتد أو مات أو استغنى بغير الزكاة قال أبو حنيفة: قد وقعت موقعها ولا يسترد منه وهو مذهب ابن القاسم في العتبية. ثم ذكر مذهب الشافعي وابن حنبل وفيه تفصيل فليراجعه من أراده. وقال ابن العربي في عارضته: فإن قدمها لشخص فقير ثم استغنى عند الحول فإن كان غناه من الزكاة فلا كلام في الاجزاء، وإن كان من غيرها فيتخرج فيها القولان فيما إذا أعطى لشخص ظنه فقيرا فتبين غنيا. قال ابن القاسم في الأسدية: يجزئه. وقال في الموازية، لا يجزئه انتهى.
قلت: الجاري على قول صاحب الطراز أنها زكاة أنه لا ينظر إلى تغير الأحوال والجاري على ما قاله ابن رشد أن ينظر إلى تغير حال المال وربه والفقير. وقد جزم في الجواهر بأنه إذا قدمها قبل الحول ثم تلف المال أنه يستردها ونصه: ولو عجل الزكاة قبل الحول بالمدة الجائزة على الخلاف فيها ثم هلك النصاب قبل تمام الحول أخذها إن كانت قائمة بعينها وعلم أي هلاك النصاب أو بين أنها زكاة معجلة وقت الدفع، وإن لم يبين ذلك لم يقبل قوله. وأما لو دفع الزكاة معجلة ثم ذبح شاة من الأربعين فجاء الحول ولم ينجبر النصاب لم يكن له الرجوع لأنه يتهم أن يكون ذبح ندما ليرجع فيما عجل انتهى. ونقله في الذخيرة بلفظ: لو عجل بالمدة الجائزة فهلك النصاب قبل تمام الحول أخذها إن كانت قائمة إن ثبت ذلك وإلا فلا يقبل قوله انتهى. ونقل كلام صاحب الطراز. وقال ابن العربي في عارضته: إذا قدم زكاة العين في الوقت الجائز ثم هلك المال قبل الحول فإنه يرجع في زكاته إن كانت قائمة وبين أنها زكاة، ولو قدم زكاة الغنم ثم ذبح منها ما نقصها عن النصاب لم يرجع لأنه يتهم. نعم لو ضاعت بأمر من الله رجع انتهى. فتحصل من هذا أنه إذا عجل الزكاة بالزمان اليسير وضاع ما عجله قبل وصوله لمستحقه. فهل يجزئ وهو ظاهر كلام الطراز وكلام ابن المواز لأن اليسير عند ابن المواز اليومان والثلاثة كما تقدم، والظاهر كلام صاحب الطراز أنه على الخلاف السابق فيه، أو
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست