إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ٤٠
لأنه لم يحلف على الامتناع من الوطئ في الفرج بل على الامتناع من الوطئ بالقدم في الأولى والاجتماع في الثانية. وقوله مطلقا: صفة لمصدر محذوف: أي امتناعا مطلقا: أي غير مقيد بمدة، وذلك كأن يقول: والله لا أطؤك ويسكت ومثل الاطلاق ما لو أبد كقوله: والله لا أطؤك أبدا (قوله: أو فوق أربعة أشهر) معطوف على مطلقا: أي أو امتناعا مقيدا بأكثر من أربعة أشهر، وظاهره ولو بما لا يسع الرفع إلى القاضي، وهو معتمد م ر وحجر، وفائدة ذلك حينئذ أنه يأثم إثم الايلاء وإن لم يترتب عليه الرفع إلى القاضي، واعتمد زي وسم أنه لا بد أن يكون فوق أربعة أشهر بما يمكن فيه الرفع إلى القاضي، وعليه فلا يأثم فيما إذا كان الزائد على الأربعة أشهر لا يسع الرفع إلى القاضي إثم الايلاء وإن كان يأثم إثم الايذاء لايذائها بقطع طمعها من الوطئ تلك المدة. وخرج بقيد الفوقية على أربعة أشهر ما إذا قال: والله لا أطؤك أربعة أشهر فلا يكون موليا بل يكون حالفا لأن المرأة تصبر على الزوج هذه المدة كما روي عن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه خرج ذات ليلة فسمع امرأة تنشد أبياتا وهي هذه:
تطاول هذا الليل واسود جانبه * وأرقني أن لا خليل ألاعبه فوالله لولا الله أني أراقبه * لحرك من هذا السرير جوانبه مخافة ربي والحياء يصدني * وأكرم بعلي أن تنال مراتبه فسأل عمر رضي الله عنه بعض بناته كم تصبر المرأة عن زوجها؟ قالت: أربعة أشهر ويعيل صبرها بعدها (قوله:
كأن يقول: الخ) أتى بمثالين الأول: للمطلق، والثاني: للمقيد بفوق أربعة أشهر (قوله: أو حتى يموت فلان) معطوف على فوق أربعة أشهر: أي أو يقول لا أطؤك حتى يموت فلان، وهو يفهم أن الفوقية على الأربعة الأشهر تعتبر ولو في ظنه بأن يغلب على ظنه بقاء ما علق به إلى تمام العدة كالمثال المذكور، فإن الموت مستبعد ظنا وإن كان قريبا في الواقع (قوله: فإذا مضت الخ) مرتب على محذوف تقديره ويمهل المولي وجوبا حرا كان أو رقيقا أربعة أشهر ولاء، فإذا مضت أربعة أشهر الخ ويقطع الولاء مانع من الوطئ. قام بها حسيا كان كنشوز وحبسها ومرضها وشرعيا كصوم فرض، فإذا زال المانع منها تستأنف مدة الايلاء ولا يقطعه حيض أو نفاس ولا مانع قام به كجنونه ومرضه. وقوله من الايلاء: الجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من أربعة أشهر: أي حال كونها مبتدأة من الايلاء وهذا في غير الرجعية، أما فيها فتبتدئ من وقت الرجعة فإذا طلقها طلاقا رجعيا ثم آلى منها لم تحسب المدة حتى يراجع. وقوله بلا وطئ: متعلق بمضت: أي مضت من غير وطئ. وخرج به ما إذا وطئها في الأربعة الأشهر فينحل الايلاء ويلزمه كفارة اليمين في الحلف بالله تعالى، ومثل الوطئ في ذلك الطلاق البائن وموت بعض المحلوف عليهن لما تقدم ان هذه الأمور ترفع حكم الايلاء. وعبارة الارشاد وشرحه: فإن تمت هذه الأربعة ولم ينحل الايلاء بوطئ أو غيره، كزوال الملك عن القن المعلق عتقه بالوطئ طالبته الخ. اه‍ (قوله: فلها مطالبته) أي بالقاضي: أي بأن تطلب من القاضي أن يطلب منه ذلك. ثم إن ظاهر العبارة أنها تردد الطلب بين الفيئة والطلاق، وهو المعتمد، خلافا لمن قال: إنها ترتب فتطلب منه أولا الفيئة فإن لم يفئ تطلب منه الطلاق. وقوله بالفيئة: بفتح الفاء وكسرها مأخوذة من فاء إذا رجع لرجوعه إلى الوطئ الذي امتنع منه، محل مطالبتها بالفيئة إذا لم يقم به مانع شرعي كإحرام أو صوم واجب وإلا طالبته بالطلاق فقط لحرمة والفيئة عليه حينئذ، فإن كان المانع القائم به طبيعيا كخوف بطء برء وعجز عن افتضاض بكرا دعاه وحلف عليه طالبته بفيئة اللسان بأن يقول: إذا قدرت فئت فتكتفي بالوعد كما قال القائل:
قد صرت عندك كمونا بمزرعة * إن فاته السقي أغنته المواعيد ولا تطالبه بالوطئ لأنه عاجز عنه ويكفي منه ما يندفع به الأذى الذي حصل من اللسان. ولو استمهل للفيئة باللسان لم يمهل، إذ لا كلفة عليه في الوعد. وقال في المنهج وشرحه: ويمهل إذا استمهل يوما فأقل ليفئ فيه لان مدة الايلاء
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست