إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ٢٩
وسوى (قوله: بشرط أن يسمع نفسه الخ) ذكر لصحة الاستثناء شرطين أن يسمع نفسه أي يتلفظ به مسمعا نفسه، وأما إسماع غيره فليس شرطا لصحته. وإنما يعتبر لتصديقه فيه لأنه لو ادعى الاستثناء وأنكرته الزوجة صدقت فتحلف على نفيه، وأن يتصل الاستثناء بالعدد الملفوظ: أي اتصالا عرفيا لا حقيقيا لأنه لا يضر الفصل بسكتة التنفس والعي وانقطاع الصوت وبقي عليه من الشروط أن ينوي الاستثناء قبل الفراغ من المستثنى منه، وأن لا يستغرق المستثنى المستثنى منه.
فلو فقد شرط من هذه الشروط لغا الاستثناء وصار كأنه لم يذكر. فلو قال: أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين ولم يسمع نفسه بالاستثناء أو لم يتصل الاستثناء بما قبله أو لم ينو الاستثناء قبل الفراغ، أو قال: أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا وقع الطلاق ثلاثا ولغا الاستثناء. لكن محل إلغاء المستغرق ما لم يتبع باستثناء آخر، وإلا صح. فلو قال: أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا إلا اثنتين وقع اثنتان لان الاستثناء من النفي إثبات وعكسه فالمعنى أنت طالق ثلاثا تقع إلا ثلاثا لا تقع إلا اثنتين تقعان فيقع اثنتان.
ولو قال: أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا إلا واحدة وقعت واحدة على وزان ما قبله (قوله: فيقع طلقة) أي لأنك أخرجت من الثلاث اثنتين فبقي منها واحدة فهي التي تقع (قوله: أو إلا واحدة) أي أو قال: طلقتك ثلاثا إلا واحدة (قوله: طلقتان) أي فيقع عليه طلقتان لأنه أخرج من الثلاث واحدة فيبقى منها اثنتان وهما اللتان وقعتا (قوله: ولو قال: أنت طالق إن شاء الله) أي أو إذا أو متى أو مهما شاء الله، ومثل الاثبات النفي: كإن لم يشأ الله، ومثل مشيئة الله مشيئة الملائكة لا مشيئة الآدميين. أما هي فيتوقف وقوع الطلاق المعلق على مشيئتهم على وقوع المشيئة منهم (قوله: لم تطلق) أي إن قصد التعليق بالمشيئة نفيا أو إثباتا قبل فراغ اليمين ولم يفصل بينهما وأسمع نفسه، وذلك للخبر الصحيح من حلف ثم قال:
إن شاء الله فقد استثنى وهو شامل للطلاق وغيره وخرج بقصد التعليق ما إذا سبق لسانه إليه أو قصد التبرك أو أن كل شئ بمشيئة الله أو لم يعلم هل قصد التعليق أم لا أو أطلق؟ فإنه يقع الطلاق ويلغو الاستثناء. ومحل كون التعليق بالمشيئة يمنع وقوع الطلاق عند قصده في غير حالة النداء. أما فيها فلا يمنع. فلو قال: يا طالق إن شاء الله وقع طلقة. والفرق أن النداء يشعر بحصول الطلاق حالته والحاصل لا يعلق بخلاف غيره كأنت طالق فإنه قد يستعمل عند القرب من الطلاق وتوقع الحصول فيقبل التعليق (قوله: وصدق مدعى الخ) الأنسب ذكره عند قوله: المار لاطلاق مكره الخ (قوله: أو إغماء) أي أو مدعي إغماء. وقوله حالته: أي الطلاق (قوله: أو سبق لسان) أي أو مدعي سبق لسان، وكان المناسب ذكر هذا عند قوله: أول الفصل ولا أثر لحكاية طلاق الغير الخ بأن يقول: ولا لسبق لسانه بالطلاق وهو في الحقيقة مفهوم شرط لم يذكره المؤلف وذكره غيره وهو أن يقصد لفظ الطلاق مع معناه أي يقصد استعماله فيه. وعبارة الأنوار: الركن الخامس القصد إلى حروف الطلاق بمعنى الطلاق فلو سبق لسانه إلى لفظ الطلاق في غفلة أو محاورة وكان يريد أن يتكلم بكلمة أخرى لم يقع الطلاق. اه‍. ومثله في التحفة والنهاية. وقوله إلى لفظ الطلاق: متعلق بسبق: أي سبق لسانه إلى لفظ الطلاق مع كون القصد النطق بلفظ غيره (قوله: بيمينه) متعلق بصدق (قوله: إن كان ثم قرينة) أي على ما ادعاه، وهو قيد في تصديقه بيمينه (قوله: كحبس الخ) تمثيل للقرينة (قوله: وإلا تكن هناك) أي في دعواه الاكراه أو الاغماء أو سبق اللسان (قوله: فلا يصدق) جواب إن المدغمة في لا النافية (قوله: من قال لزوجته) أي المسلمة (قوله: مريدا حقيقة الكفر) وهي الخروج عن دين الاسلام (قوله: جرى فيها) أي الزوجة. وقوله ما تقرر في الردة وهو أنه إن لم يدخل بها تنجزت الفرقة بكفره بتكفيره إياها وإن دخل بها فإن جمعهما إسلام في العفة دام نكاحها، وإلا فالفرقة حاصلة من حين الردة (قوله: أو الشتم) بالنصب عطف على حقيقة: أي أو مريدا الشتم. وقوله فلا طلاق: أي إن جراد الشتم لا يقع عليه
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست