إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ٢٥٦
حال توليته إياه بفسقه الأصلي، أو علم به لكنه لم يعلم بما زاد عليه حال التولية أيضا، فإن علم موليه بذلك حالها، فلا ينعزل به، لما تقدم أنه إذا ولى سلطان أو ذو شوكة غير أهل، نفذ قضاؤه للضرورة، وكلامه صريح في أن فسقه أو ما زاد عليه لم يطرأ بعد التولية، بل هو موجود حال التولية، إلا أنه لم يعلم موليه به، وكلام غيره صريح في أنه طارئ بعد التولية. ولو أبقى المتن على ظاهره لكان يمكن حمله عليه، بخلافه بعد أن فصل فيه بين علم موليه به وعدم علمه به حال التولية، فلا يمكن حمله عليه لأنه لم يكن موجودا إذ ذاك حتى يفصل فيه بما ذكر. (قوله: وإذا زالت هذه الأحوال) أي الجنون والاغماء والفسق. (وقوله: لم تعد ولايته) أي لم ترجع له إلا بتولية جديدة من الامام، لان ما بطل لا يعود إلا بتجديد عقده. (وقوله: في الأصح) مقابله يقول تعود من غير تولية جديدة، قياسا على الأب إذا جن ثم أفاق، أو فسق ثم تاب، فإنه تعود له الولاية على موليه بعد ذلك. (قوله: ويجوز للامام عزل قاض) أي لما روى أبو داود أنه (ص): عزل إماما صلى بقوم بصق في القبلة، وقال: لا يصلي بهم بعدها أبدا. وإذا جاز هذا في إمام الصلاة، جاز في القاضي بل أولى، إلا أن يكون متعينا فلا يجوز له عزله. ولو عزل لم ينعزل. اه‍. شرح الروض. (قوله: لم يتعين) أي للقضاء بأن وجد من يصلح للقضاء غيره. (قوله: بظهور خلل) متعلق بعزل (وقوله: لا يقتضي انعزاله) الجملة صفة لخلل: أي خلل موصوف بكونه غير مقتض لانعزاله، فإن اقتضاه لم يحتج إلى عزل الامام له، لانعزاله بنفس ذلك الخلل المقتضي له، وهو كالفسق والجنون إلى آخر ما تقدم (قوله: ككثرة الخ) تمثيل للخلل الذي لا يقتضي انعزاله. (وقوله: الشكاوي) أي من الرعية بسبب تضررها منه. (وقوله: فيه) أي في القاضي. (قوله: وبأفضل منه) معطوف على بظهور خلل، أي ويجوز عزله بوجود أفضل منه، وإن لم يظهر فيه خلل، رعاية للأصلح للمسلمين، ولا يجب العزل لذلك، وإن قلنا إن ولاية المفضول لا تنعقد مع وجود الفاضل، لان الغرض حدوث الأفضل بعد الولاية، فلم يقدح فيها أفاده في التحفة.
(قوله: وبمصلحة) معطوف أيضا على بظهور خلل: أي ويجوز عزله بسبب وجود مصلحة في العزل، كتسكين فتنة، ولو لم يعزل يخاف من حدوثها. (وقوله: سواء أعزله بمثله أم بدونه) أي سواء عزله بذلك مع وجود مثله يوليه في مكانه أم دونه، فالباء بمعنى مع، وهي مضافة لمحذوف (قوله: وإن لم يكن شئ من ذلك) أي من المذكور من ظهور خلل، ووجود أفضل منه، وظهور مصلحة. (وقوله: لم يجز عزله لأنه عبث) أي وتصرف الامام يصان عنه. (وقوله: ولكن ينفذ العزل) أي مع إثم المولى والمتولي بذلا لطاعة السلطان. قال في النهاية: وهذا في الامر العام، أما الوظائف الخاصة كإمامة وأذان وتصوف وتدريس وطب ونحوها، فلا تنعزل أربابها بالعزل من غير سبب - كما أفتى به جمع متأخرون - وهو المعتمد. ومحل ذلك حيث لم يكن في شرط الواقف ما يقتضي خلاف ذلك. اه‍. وقوله: خلاف ذلك) أي وهو العزل من غير سبب بأن قال الواقف، وللناظر عزله وتولية آخر من غير سبب. (قوله: أما إذا تعين الخ) مفهوم قوله لم يتعين.
(قوله: بأن لم يكن ثم) أي في تلك الناحية من يصلح للقضاء غيره. (قوله: فيحرم الخ) جواب أما. (قوله: ولا ينفذ) أي عزله. (قوله: وكذا عزله لنفسه حينئذ) أي وكذا يحرم عزله لنفسه مع عدم نفوذه حين إذ تعين للقضاء. (قوله: بخلافه في غير هذه الحالة) أي بخلاف عزله لنفسه في غير حالة التعيين. (قوله: فينفذ عزله لنفسه) أي ولا يحرم، وهو تفريع على قوله بخلافه الخ. (وقوله: وإن لم يعلم موليه) غاية في النفوذ. (قوله: ولا ينعزل قاض) أي ولو قاضي ضرورة إذا لم يوجد مجتهد صالح، أما مع وجوده، فإن رجى توليه انعزل، وإلا فلا فائدة في انعزاله. ع ن. اه‍. بجيرمي. ومثل القاضي - في عدم انعزاله - الأمير، والمحتسب، وناظر الجيش، ووكيل بيت المال، وما أشبه ذلك. (قوله: ولا بانعزاله)
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست