تقليد غير الأئمة الأربعة بشرطه، وفيه نظر. لأنه صرح بمساواة العامل للمفتي في ذلك، فالوجه حمله على عامل متأهل للنظر في الدليل وعلم الراجح من غيره. اه. وقال في الفوائد وابن الجمال في فتح المجيد.
(اعلم) أن القولين أو الوجهين أو الطريقين إذا كانا لواحد ولم يرجح أحدهما، فللمقلد أن يعمل لنفسه بأيهما شاء إذا لم يكن أهلا للترجيح، فإن كان أهلا له، فلا يجوز له العمل إلا بالتتبع والترجيح، فإن رجح أحدهما فالفتوى والحكم بالراجح مطلقا، والمرجوح منهما إذا رجحه بعض أهل الترجيح يجوز تقليده للعمل فقط، سواء كان المقلد أهلا للنظر والترجيح أم لا. وإن لم يرجح فيمتنع تقليده على الأهل لا على غيره، وإذا كان الوجهان والطريقان لاثنين، ولم يرجح أحدهما ثالث يجوز تقليد كل منهما في الافتاء والقضاء أيضا إذا لم يكن المقلد أهلا، ويجوز لعمل نفسه فقط إذا كان التقليد من المتأهل، لتضمن ذلك ترجيح كل منهما من قائله الأهل، وإن رجح أحدهما ثالث، فالفتوى بالراجح لتقويته بالترجيحين - سواء كان المفتي أهلا أم لا - والمرجوح منهما يجوز تقليده لعمل النفس فقط، ولو من المتأهل للتضمن المذكور. هذا هو الحق الصريح الذي لا محيد عنه، لأنه المنقول والمعتمد عند جمهور المتأخرين. اه. من تذكرة الاخوان المشتملة على مصطلحات التحفة وغيرها.
(قوله: أن يعتمد أحدهما) أي الوجهين أو القولين، وأن وما بعدها في تأويل مصدر اسم ليس. (قوله: بلا نظر فيه) أي بلا تأمل وتفكر في ذلك الاحد الذي يريد أن يعتمده. (قوله: بلا خلاف) أي ليس له ذلك بلا خلاف، وقد علمت أن محله إذا كان أهلا للنظر والترجيح. (قوله: بل يبحث عن أرجحهما) أي الوجهين أو القولين. (قوله: بنحو تأخره) متعلق بأرجحهما، وهو بيان المقتضي للأرجحية، فتأخر أحد القولين أو الوجهين أو قوة دليله أو نحو ذلك يقتضي الأرجحية.
(قوله: وإن كانا) أي القولان أو الوجهان لمتبحر واحد، وهو غاية لكونه يبحث عن الأرجح بما ذكر (قوله: ويجوز تحكيم اثنين) أي غير حد وتعزير لله تعالى، أما هما فلا يجوز فيهما التحكيم. إذ لا طالب لهما معين. (قوله: ولو من غير خصومة) غاية في جواز التحكيم: أي يجوز مطلقا سواء كان في خصومة، كأن حكم خصمان ثالثا، أو في غير خصومة، كأن حكم اثنان في نكاح ثالثا. (قوله: كما في النكاح) أي لفاقدة ولي خاص بنسب أو معتق، وهو تمثيل للتحكيم في غير الخصومة. (قوله: رجلا) مفعول تحكيم المضاف إلى فاعله. (قوله: أهلا لقضاء) صفة لرجلا. (قوله: أي من له أهلية القضاء المختلفة) تفسير للمراد من الأهل للقضاء، وتقدم ضابط من له أهلية ما ذكر، وهو من له قدرة على استنباط الاحكام من الكتاب والسنة والقياس والاجماع. (قوله: لا في خصوص تلك الواقعة) أي ليس المراد به من كان أهلا للقضاء في تلك المسألة الحادثة فقط (قوله: خلافا لجمع) أي قالوا بأن الشرط وجود الأهلية في خصوص تلك الواقعة لا مطلقا. (قوله: ولو مع وجود قاض أهل) غاية في جواز تحكيم رجل أهل: أي يجوز تحكيم الأهل، ولو مع وجود قاض أهل في تلك البلدة. (قوله: خلافا للروضة) أي القائلة بعدم جواز التحكيم مع وجوده. (قوله: أما غير الأهل) مفهوم قوله أهلا. (قوله: أي مع وجود الأهل) أنظر ما المراد بالأهل: هل هو خصوص القاضي، أو ما يعمه وغيره؟ والظاهر أن المراد الأول، وإلا بأن كان المراد الثاني نافذ الغاية بعد: أعني قوله وإن كان ثم مجتهد. (قوله: وإلا مجاز) أي وإن لم يوجد قاض أهل على ما مر، بأن لم يوجد قاض أصلا، أو وجد لكنه غير أهل، جاز تحكيم غير الأهل، وهو ضعيف، كما يفيده الاستدراك بعد. (قوله: ولو في النكاح) أي ولو كان التحكيم في النكاح فإنه يجوز. (قوله: وإن كان ثم مجتهد) أي غير قاض. (قوله: كما جزم به) أي بما ذكر من عدم جواز تحكيم غير الأهل مع وجود الأهل، وجواز تحكيمه مع عدم