أحد الخصمين، لئلا ينكسر قلب الآخر ويتضرر به. وتخصيص المزح بكونه مع أحد الخصمين ليس بقيد، بل مثله بالأولى، ما إذا كان مع الخصمين، كما صرح به في الروض وشرحه ونصهما: وليقبل عليهما بقلبه، وعليه السكينة بلا مزح معهما أو مع أحدهما، ولا نهر، ولا صياح عليهما ما لم يتركا أدبا، فإن تركا أدبا نهرهما وصاح عليهما. ويندب أن يجلسا بين يديه ليتميزا. وليكون استماعه لك منهما أسهل، وإذا جلسا تقاربا، إلا أن يكونا رجلا وامرأة غير محرم فيتباعدان. اه. (قوله: وإن شرف الخ) غاية لقوله لا يخص الخ: أي لا يخص أحدهما بذلك، وإن شرف بعلم أو حرية أو نحوهما، وكان الأولى تقديمه على قوله ولو سلم أحدهما الخ. (قوله: والأولى أن يجلسهما) أي الخصمين بين يديه لما مر آنفا. ولو أجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره جاز، لكنه خلاف الأولى. (قوله: فرع) الأولى فروع (قوله:
لو ازدحم مدعون) أي في مجلس الحكم وقد جاءوا مترتبين، وعرف السابق بدليل قوله بعد، فإن استووا أو جهل سابق.
(قوله: قدم الأسبق فالأسبق) أي المسلم، أما الكافر فيقدم عليه المسلم المسبوق. قال في التحفة: والعبرة بسبق المدعي، لأنه ذو الحق، وبحث البلقيني أنه لو جاء مدع وحده ثم مدع مع خصمه ثم خصم الأول قدم من جاء مع خصمه. (قوله: كمفت ومدرس) أي في فرض العين أو الكفاية، أما في غير الفرض كالعروض، وزيادة التبحر، على ما يشترط في الاجتهاد المطلق، فالتقدم بالمشيئة والاختيار. (قوله: فيقدمان) أي المفتي والمدرس. ومفعول الفعل محذوف: أي يقدمان من جاء يستفتي أو يتعلم. (وقوله: بسبق) متعلقان بيقدمان، وهذا إن كان ثم سبق، وعرف السابق بدليل ما بعد. (قوله: فإن استووا) أي في مجيئهم عند القاضي، أو المفتي، أو المدرس، فهو مرتبط بالجميع ولو تمم الكلام على ما يتعلق بالقاضي ثم قال كمفت ومدرس لكان أولى. (وقوله: أو جهل سابق) أي جهل من جاء أولا إليهم.
(وقوله: أقرع) أي بينهم، إذ لا مرجح لأحدهم على الآخر، وحينئذ يقدم من خرجت قرعته. قال في الروض وشرحه:
فإن كثروا وعسر الاقراع، كتب الرقاع أو كتب فيها أسماءهم وصبت بين يدي القاضي، ليأخذها واحدة واحدة، ويدعى من خرج اسمه في كل مرة، ويستحب أن يرتب ثقة يكتب أسماءهم يوم قضائه ليعرف ترتبهم، ولو قدم الأسبق غيره على نفسه جاز، ولا يقدم سابق وقارع: أي من خرجت قرعته إلا بدعوى واحدة، وإن اتحد المدعى عليه دفعا للضرر عن الباقين، فإن كان له دعوى أخرى، إنتظر فراغهم، أو حضر في مجلس آخر. ويستحب له عند اجتماع الخصوم عند تقديم مسافرين مستوفزين، أي متهيئين للسفر وخائفين من انقطاعهم عن رفقتهم إن تأخروا عن المقيمين، لئلا يتضرروا بالتخلف. وتقديم نساء طلبا لسترهن. ولو كان المسافرون والنساء مدعى عليهم، فإنه يستحب تقديمهم بدعاويهم إن كانت خفيفة، بحيث لا تضر بالمقيمين في الأولى، وبالرجال في الثانية اضطرارا بينا، ويقدم المسافر على المرأة المقيمة صرح به في الأنوار. اه. بحذف. (قوله: وقال شيخنا) أي في فتح الجواد ونص عبارته مع الأصل: كمفت ومدرس في فرض عين أو كفاية، فيقدمان وجوبا بسبق إلى مجلسهما ولو قبل حضورهما قياسا على ما مر في القاضي، فإن استووا، أو جهل سابق فبقرعة بفتوى أو درس واحد، نعم: إن ظهر له جواب المسبوق فقط، قدمه. بحثه الأذرعي ويأتي في تقديم سفر: أي مسافرين ونساء ما مر، أما في غير الفرض، قال بعضهم كالعروض، فالتقديم بمشيئة المفتي أو المدرس، وظاهر أن طالب فرض العين مع ضيق الوقت يقدم كالمسافر بل أولى. اه. وإذا تأملتها تعلم أن عبارة شارحنا مختصرة منها، إلا أنه أخل في الاختصار من حيث أنه لم يستوف الكلام على القاضي أولا، ومن حيث أنه أطلق في المفتي والمدرس، ومن حيث أن قوله وظاهر أن طالب فرض الخ، يوهم ارتباطه بالقاضي كالمفتي والمدرس مع أنه مرتبط بالأخيرين فقط. (قوله: ويستحب كون مجلسه الخ) ويستحب أيضا له أن يأتي المجلس راكبا ويسلم على الناس يمينا وشمالا، وأن يجلس على مرتفع كدكة وكرسي، ليسهل عليه النظر إلى الناس، ويسهل عليهم المطالبة بين يديه، وأن