إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ٢٥٠
(قوله: لا غيرها) أي غير المذاهب الأربعة، وهذا إن لم يدون مذهبه، فإن دون جاز كما في التحفة ونصها: يجوز تقليد كل من الأئمة الأربعة، وكذا من عداهم ممن حفظ مذهبه في تلك المسألة ودون حتى عرفت شروطه وسائر معتبراته، فالاجماع الذي نقله غير واحد على منع تقليد الصحابة، يحمل على ما فقد فيه شرط من ذلك. اه‍. (قوله: ثم له) أي ثم يجوز له الخ.
قال ابن الجمال: (إعلم) أن الأصح من كلام المتأخرين - كالشيخ ابن حجر وغيره - أنه يجوز الانتقال من مذهب إلى مذهب من المذاهب المدونة ولو بمجرد التشهي، سواء انتقل دواما أو في بعض الحادثة، وإن أفتى أو حكم وعمل بخلافه ما لم يلزم منه التلفيق. اه‍. (قوله: وإن عمل بالأول) أي بالمذهب الأول كمذهب الشافعي. (قوله: الانتقال إلى غيره) أي غير الأول بالكلية: كأن ينتقل من مذهب الشافعي إلى مذهب أبي حنيفة رضي الله عنهما. (قوله: أو في المسائل) أي أو الانتقال في بعض مسائل لغير مذهبه. (وقوله: بشرط الخ) مرتبط به: أي يجوز له أن يقلد في بعض المسائل بشرط أن لا يتتبع الرخص. (قوله: بأن يأخذ الخ) تصوير لتتبع الرخص. (قوله: فيفسق به) أي بتتبع الرخص، وهذا ما جرى عليه ابن حجر. أما ما جرى عليه الرملي فلا يفسق به، ولكنه يأثم، كما مر. (قوله: وفي الخادم الخ) هذا كالتقييد لما قبله، فكأنه قال محل اشتراط عدم تتبع الرخص فيمن لم يبتل بالوسواس، أما هو فيجوز له ذلك. (وقوله:
عن بعض المحتاطين) أي الذين يأخذون بالأحوط في أعمالهم. (قوله: لئلا يزداد) أي الوسواس، وهو علة الأولوية، (وقوله: فيخرج) بالنصب عطف على يزداد: أي فيخرج بسبب زيادة الوسواس عن الشرع مثلا، وابتلى بالوسواس في النية في الوضوء، أو بقراءة الفاتحة خلف الامام، وصار يصرف أكثر الوقت في الوضوء أو في الصلاة، فله أن يترك النية ويقلد الامام أبا حنيفة فيه فإنها سنة عنده، أو يقلده في ترك الفاتحة خلف الامام، حتى يذهب عنه الوسواس. (قوله:
ولضده) أي والأولى لضد من ابتلي بالوسواس، وهو الذي لم يبتل به. (قوله: الاخذ بالأثقل) أي بالأشد. (قوله: لئلا يخرج عن الإباحة) أي عن لمباح لو لم يأخذ بالأثقل. (قوله: وأن لا يلفق الخ) معطوف على قوله أن لا يتتبع الرخص:
أي وبشرط أن لا يلفق: أي يجمع بين قولين. (قوله: يتولد الخ) أي ينشأ من القولين اللذين لفق بينهما حقيقة واحدة متركبة، كتقليد الشافعي في مسح بعض الرأس، ومالك في طهارة الكلب، في صلاة واحدة، فلا يصح تقليده المذكور، لأنه لفق فيه بين قولين نشأ منهما حقيقة واحدة، وهي الصلاة لا يقول بصحتها كلا الامامين. (قوله: وفي فتاوى شيخنا الخ) مؤيد لاشتراط عدم التلفيق. (قوله: لزمه أن يجري على قضية مذهبه) أي على ما يقتضيه مذهب ذلك الامام الذي قلده في تلك المسألة. (وقوله: وجميع ما يتعلق بها) أي بتلك المسألة: أي من استكمال شروطها، ومراعاة مصححاتها، واجتناب مبطلاتها. (قوله: فيلزم من انحرف الخ) تعبيره بالماضي فيه وفيما بعده لا يلائم قوله بعد أن يمسح الخ، فإنه للاستقبال وانحرف وصلى للمضي، فلا بد من ارتكاب تأويل في الأول، بأن يجعل بمعنى المضارع، أو في الثاني بأن يجعل بمعنى الماضي: أي فيلزم الشافعي الذي قصده أن ينحرف عن عين القبلة، ويصلي إلى جهتها مقلدا للامام أبي حنيفة رضي الله عنه أن تكون طهارته على مذهبه، بأن يكون يمسح في الوضوء قدر الناصية، وأن لا يسيل منه دم بعد الوضوء، فإنه ناقض له عنده، أو فيلزم الشافعي الذي انحرف وصلى إلى الجهة مقلدا للامام أبي حنيفة
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»
الفهرست