إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ٢٠٠
عما عهد. قالت السادسة: زوجي إن أكل لف وإن شرب اشتف وإن اضطجع التف، ولا يولج الكف ليعلم البث. قالت السابعة: زوجي عياياء أو غياياء طباقاء كل داء، له داء شجك، أو فلك أو جمع كلالك. قالت الثامنة: زوجي المس مس أرنب، والريح ريح زرنب. قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد.
قالت العاشرة: زوجي مالك، وما مالك، مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارح، إذا سمعن صوت المزهر أيقن أنهن هوالك. قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع، وما أبو زرع؟ أناس من حلي أذني، وملا من شحم عضدي، وبجحني فبجحت إلى نفسي. وجدني في أهل غنيمة بشق، فجعلني في أهل صهيل وأطيط ودائس ومنق، فعنده أقول فلا أقبح، وأرقد فأتصبح، وأشرب فأتقمح، أم أبي زرع. فما أم أبي زرع؟ عكومها رداح، وبيتها فساح. ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع؟ مضجعه كمسل شطبه؟ وتشبعه ذراع الجفرة. بنت أبي زرع فما بنت أبي زرع؟
طوع أبيها، وطوع أمها، وملء كسائها، وغيظ جارتها. جارية أبي زرع. فما جارية أبي زرع؟ لا تبث حديثنا تبثيثا، ولا تنقث ميرتنا تنقيثا، ولا تملأ بيتنا تعشيشا. قالت: خرج أبو زرع والأوطاب تمخض، فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين فطلقني ونكحها، فنكحت بعده رجلا سريا، ركب شريا، وأخذ خطيا، وأراح علي نعما ثريا، وأعطاني من كل رائحة زوجا، وقال: كلي أم زرع وميري أهلك، فلو جمعت كل شئ أعطانيه ما بلغ أصغر آنية أبي زرع: قالت عائشة رضي الله عنها: فقال لي رسول الله (ص): كنت لك كأبي زرع لام زرع وحيث سقنا الحديث بتمامه، فلنتمم الفائدة بشرح كلماته بالاختصار تبركا بذلك. فقوله في الحديث قالت الأولى: زوجي لحم جمل غث، أي كلحم الجمل شديد الهزال في الرداءة. وقوله: على رأس جبل أي كائن ذلك اللحم على رأس جبل. وقوله: لا سهل فيرتقي أي ليس ذلك الجبل سهلا فيصعد إليه. وقوله: ولا سمين أي ذلك اللحم فينتقل إلى البيوت. والكلام على اللف غير المرتب. والمقصود من ذلك: المبالغة في تكبره، وسوء خلقه مع كونه مكروها رديئا. وقوله: قالت الثانية زوجي لا أثير خبره: أي لا أظهره. قوله: إني أخاف أن لا أذره أي لا أترك عدم ترك الخبر بأن أذكره والمقصود أنها تريد أن لا تذكر خبره، لأنها تخاف الشقاق والفراق وضياع العيال، لأنها إن تذكره تذكر عجره وبجره: أي سائر عيوبه الظاهرة والخفية.
وقوله: قالت الثالثة: زوجي العشنق - بعين مهملة وشين معجمة مفتوحتين ونون مفتوحة مشددة - وهو الطويل المستكره في طوله النحيف. قوله: إن أنطق أطلق أي إن أنطق بعيوبه تفصيلا يطلقني لسوء خلقه، ولا أحب الطلاق لحاجتي إليه.
(وقوله: وإن أسكت أعلق) أي وإن أسكت عن عيوبه يصيرني معلقة، وهي المرأة التي لا هي مزوجة بزوج ينفع، ولا مطلقة تتوقع أن تتزوج. وقوله: وقالت الرابعة: زوجي كليل تهامة، أي في الاعتدال وعدم الأذى وسهولة أمره - كما بينته بقولها بعد لا حر ولا قر - أي لا ذو حرارة مفرطة، ولا ذو قر بفتح القاف، أي برودة. وبقولها: لا مخالفة ولا سآمة) أي لا ذو مخافة ولا ذو سآمة. (وقوله: وقالت الخامسة زوجي إن دخل فهد) أي فهو كالفهد بفتح الفاء والهاء، وفي الوثوب علي لإرادة الجماع، أو في النوم والتمرد، فهو يحتمل المدح والذم. وقوله: وإن خرج أسد: أي فهو كالأسد أي في فضل قوته وشجاعته، أو في غضبه وسفهه فيحتمل أيضا المدح والذم. (وقوله: ولا يسأل عما عهد) أي علم في بيته من مطعم ومشرب وغيرهما، إما تكرما وإما تكاسلا، فهو محتمل أيضا للمدح والدم. وقوله: وقالت السادسة: زوجي إن أكل لف - بتشديد الفاء - أي كثر وخلط صنوف الطعام، ومرادها أنه إن أكل لم يبق شئ للعيال، وأكل الطعام بالاستقلال.
(وقوله: وإن شرب اشتف) أي شرب الشفافة بضم الشين، وهي بقية الماء في قعر الاناء. (وقوله: وإن اضطجع التف) أي وإن اضطجع التف في ثيابه وتغطى بلحاف منفردا في ناحية وحده، ولا يباشرها فلا نفع فيه. (وقوله: ولا يولج الكف ليعلم البث) أي ولا يدخل يده تحت ثيابها عند مرضها ليعلم الحزن والمرض. والمراد لا شفقة عنده عليها حتى في حال مرضها فكأنه أجنبي. (وقوله: وقالت السابعة: زوجي عياياء) بفتح العين المهملة وتحتيتين بينهما ألف وهو من الإبل الذي عيى من الضراب، ومرادها أنه عنين لا يقدر على الجماع. (وقوله: أو غياياء) بفتح الغين المعجمة وتحتيتين كالذي قبله: أي ذو غي وهو الضلالة أو الخيبة. (وقوله: طباقاء بفتح أوله ممدودا) أي أحمق تنطبق عليه الأمور فلا يهتدي لها. (وقوله: كل داء له دواء) أي كل داء يعرف في الناس فهو داء له. والمراد أنه اجتمع فيه سائر العيوب
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست