إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ٢٠٣
- أعني الراكب والسائق والقائد - فيختص الضمان بالراكب على الأرجح من وجهين، ولو كان أعمى ثانيهما يكون الضمان أثلاثا، وخص ع ش كون الضمان على الراكب على الأرجح، بما إذا كان الزمام بيده، وإلا فالضمان على من الزمام بيده. ولو اجتمع سائق وقائد دون راكب، فالضمان عليهما نصفين، ولو كان عليها راكبان فالضمان على المقدم منهما، لان سيرها منسوب إليه، وقيل عليهما لان اليد لهما. نعم، إن لم ينسب إلى المقدم فعل، كصغير ومريض لا حركة له، وجب الضمان على المؤخر وهو الرديف وحده، لان فعلها حينئذ منسوب إليه، وكذا لو كان المقدم غير ملتزم للأحكام كحربي. هذا إن كانا على ظهرها، فإن كان في جنبيها متحاذيين، كأن كانا في محارة أو شقدف فالضمان عليهما. فلو ركب في الوسط ثالث، اختص الضمان به عند العلامة الرملي، وعند غيره الضمان على الثلاثة. (وقوله:
يضمن الخ) أي غالبا، ومن غير الغالب قد لا يضمن، كأن أركب أجنبي صبيا أو مجنونا بغير إذن الولي، فأتلفت شيئا فالضمان على الأجنبي، وكأن نخسها إنسان بغير إذن راكبها، فرمحت فأتلفت شيئا، فالضمان على الناخس. فلو كان بإذنه فالضمان عليه، وكأن ند بعيره، أو انفلتت دابته من يده، فأفسدت شيئا، فلا ضمان عليه لغلبتها له حينئذ، وكأن كانت الدواب مع راع فهاجت ريح، وأظلم النهار فتفرقت منه، وأتلفت زرعا مثلا، فلا ضمان على الراعي في الأظهر للغلبة، بخلاف ما لو تفرقت لنومه، فأتلفت شيئا فإنه يضمنه لتفريطه. (وقوله: ما أتلفته ليلا ونهارا) قال في المنهج وشرحه: أي أو ما تلف ببولها أو روثها أو ركضها ولو معتادا بطريق، لان الارتفاق بالطريق مشروط بسلامة العاقبة - كما في الجناح والروشن - وهذا ما جزم به في الروضة، وأصلها في باب محرمات الاحرام، وهو المنقول عن نص الام والأصحاب، وجزم به في المجموع، وفيه احتمال للامام بعدم الضمان، لان الطريق لا تخلو منه، والمنع منها لا سبيل إليه، وعلى هذا الاحتمال جرى الأصل، كالروضة وأصلها هنا. اه‍. (وقوله: وعلى هذا الاحتمال الخ) اعتمده أيضا في النهاية والتحفة، ومحل الضمان فيما أتلفته الدابة إذا لم يقصر صاحبه، فإن قصر كأن وضعه بطريق، أو عرضه لها، فلا ضمان لتفريطه، فهو المضيع لماله. (قوله: وإن كانت وحدها) أي وإن كانت الدابة سائرة وحدها: أي وقد أرسلها في الصحراء، على الأصح في الروضة. وقال الرافعي: إنه الوجه. أما لو أرسلها في البلد، فيضمن مطلقا لمخالفته العادة.
قال في التحفة: وقضيته أن العادة لو اطردت به - أي بإرسالها في البلد - أدير الحكم عليها أيضا كالصحراء، إلا أن يفرق بغلبة ضرر المرسلة بالبلد، فلم تقو فيها العادة على عدم الضمان. ويؤيده قول الرافعي: إن الدابة في البلد تراقب ولا ترسل وحدها. اه‍. (وقوله: لم يضمن صاحبها الخ) أي للحديث الصحيح بذلك، الموافق للعادة في حفظ نحو الزرع نهارا، وحفظ الدابة ليلا، ومن ثم لو جرت عادة بلد بعكس ذلك، انعكس الحكم، أو بحفظها فيهما - أي ليلا ونهارا - ضمن فيهما - كما بحثه البلقيني - وقياسه أنها لو جرت بعدمه فيهما لم يضمن فيهما اه‍. تحفة. (قوله: إلا أن يفرط في ربطها) أي أن الضمان عليه فيما أتلفته ليلا، إلا إذا لم يفرط في ربطها، بأن أحكمه وأغلق الباب واحتاط على العادة، فخرجت ليلا لنحو حلها، أو فتح لص للباب، فإنه لا ضمان عليه حينئذ لعدم تقصيره. (قوله: وإتلاف نحو هرة) دخل فيه الطير والنحل، فقولهم لا ضمان بإرسال الطير والنحل، محمول على غير العادي الذي عهد إتلافه. سم. وقال: ق ل على الجلال: إنه لا ضمان مطلقا، كما قاله شيخنا ز ي و خ ط، وخالفهما شيخنا م ر اه‍. بجيرمي. (وقوله: عهد إتلافها) أي الهرة، والأولى إتلافه بتذكير الضمير، والمراد عهد ذلك منه مرتين أو ثلاثا. وقيل يكتفي بمرة. وخرج به التي لم يعهد ذلك منها، فلا ضمان فيه على الأصح، لان العادة جرت بحفظ الطعام عنها لا ربطها. (وقوله: ضمن) - بفتح الضاد وتشديد الميم المفتوحة - وضميره المستتر يعود على المبتدأ وهو إتلاف، والجملة خبره. (وقوله: مالكها) أي نحو الهرة، والأولى أيضا أن يكون مالكه بتذكير الضمير. ولو قال كما في شرح المنهج مضمن لذي اليد لكان أولى، لايهامه تخصيص ذلك بالمالك، وليس كذلك إذ المستعير والمستأجر ونحوهما كالمالك. (وقوله: إن قصر في ربطه) أي نحو
(٢٠٣)
مفاتيح البحث: الطعام (1)، الضرر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست