إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ١٧٧
واعلم: أن العلماء قد ذكروا في مضار الحشيشة نحو مائة وعشرين مضرة دينية ودنيوية: منها أنها تورث النسيان والصداع وفساد العقل والسل والاستسقاء والجذام والبرص وسائر الأمراض وإفشاء السر وإنشاء الشر وذهاب الحياء وعدم المروءة وغير ذلك، ومن أعظم قبائحها أنها تنسي الشهادة عند الموت، وجميع قبائحها موجود في الأفيون والبنج ونحوهما. ويزيد الأفيون بأن فيه تغيير الخلقة، كما هو مشاهد من أحوال من يتعاطاه، وما أحسن ما قيل في الحشيشة:
قل لمن يأكل الحشيشة جهلا * يا خسيسا قد عشت شر معيشة دية العقل بدرة فلماذا * يا سفيها قد بعتها بحشيشة؟
والبدرة كما في القاموس كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم أو سبعة آلاف درهم (قوله: ويكره أكل يسير منها) أي من هذه الثلاثة، والمراد باليسير أن لا يؤثر في العقل، ولو تخديرا وفتورا، وبالكثير ما يؤثر فيه كذلك، فيجوز تعاطي القليل مع الكراهة، ولا يحرم، ولكن يجب كتمه على العوام لئلا يتعاطوا كثيره ويعتقدوا أنه قليل، وقوله من غير قصد المداومة: مفهومه أنه إذا تعاطاه مع قصدها حرم. فانظره (قوله: ويباح) أي أكل ما ذكر من الثلاثة (قوله: لحاجة التداوي) مطلقا سواء كان كثيرا أم قليلا وإن كان ظاهر عبارته أنه مختص بالقليل. قال في الروض وشرحه.
فرع: مزيل العقل من غير الأشربة كالبنج والحشيشة حرام لازالته العقل لا حد فيه لأنه لا يلذ ولا يطرب ولا يدعو قليله إلى كثيره بل فيه التعزير، وله تناوله ليزيل عقله لقطع عضو متأكل. اه‍. (قوله: أربعين جلدة) مفعول مطلق لقوله ويجلد: أي يجلده الامام أو نائبه جلدات أربعين، وذهبت الأئمة الثلاثة إلى أنها ثمانون، ويجب توالي الضربات ليحصل الزجر والتنكيل فلا يجوز أن يفرق على الأيام والساعات لعدم حصول الإيلام المقصود من الحدود، والضابط أنه إن تخلل زمن يزول فيه الألم الأول لم يكف على الأصح، ويحد الذكر قائما والأنثى جالسة ويجعل عند المرأة محرم أو امرأة تلف عليها ثيابها إذا انكشفت ويجعل عند الخنثى محرم لا رجل أجنبي ولا امرأة أجنبية، ويكفي الحد المذكور ولو تعدد الشرب مرارا كثيرة قبل الحد وحديث الامر بقتل الشارب في المرة الرابعة منسوخ بالاجماع (قوله: إن كان حرا) سيأتي محترزه (قوله: ففي مسلم الخ) دليل على أنها أربعون (قوله: يضرب في الخمر) أي في شربه (قوله: أربعين) أي في غالب أحواله (ص)، وإلا فقد جلد ثمانين كما في جامع عبد الرزاق. اه‍. ح ل (قوله: فيجلد عشرين جلدة) أي لأنه حد يتبعض فتنصف على الرقيق كحد الزنا (قوله: وإنما يجلد الامام الخ) دخول على المتن (قوله: إن ثبت) أي شربه الخمر، وقوله بإقراره أو شهادة رجلين: أي لان كلا من الاقرار وشهادة من ذكر حجة شرعية، ولا يشترط فيهما تفصيل، بل يكفي الاطلاق في إقراره من شخص بأنه شرب خمرا وفي شهادة بشرب مسكر بأنه شرب فلان خمرا، ولا يحتاج أن يقول وهو مختار عالم لان الأصل عدم الاكراه والغالب من حال الشارب علمه بما يشربه، فنزل الاقرار والشهادة عليه (قوله: لا بريح الخ) أي لا يثبت شرب الخمر بريح خمر وهيئة سكر وقئ لاحتمال أن يكون شرب غالطا أو مكرها، والحد يدرأ بالشبهة، وكذلك لا يثبت برجل وامرأتين لان البينة ناقصة والأصل براءة الذمة. وكتب سم على قول التحفة وهيئة سكر وما نصه تقدير هيئة الظاهر أنه غير ضروري. اه‍. (قوله: وحد عثمان) مبتدأ خبره اجتهاد له وقوله بالقئ متعلق بحد، وقوله اجتهاد له أي لسيدنا عثمان رضي الله عنه: أي فقد أثبت رضي الله عنه الحد لشارب الخمر بالقئ (قوله: ويحد الرقيق

(١) (قوله كما في القاموس الخ) عبارته: كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم أو سبعة آلاف دينار. اه‍. فتأمل وحرر اه‍. مصححة.
حاشية إعانة الطالبين ج ٤ م 12
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست