إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ١٨٣
كان له حق في المسروق كمال مصالح ولو غنيا فلا يقطع. اه‍. (قوله: لان له) أي للسارق في بيت المال حقا، وهو علة لعدم قطع السارق من بيت المال، (وقوله: لان ذلك الخ) علة للعلة، أي وإنما كان له فيه حق وإن كان غنيا لان ذلك قد يصرف الخ. (وقوله: فينتفع به) أي بما ذكر من المساجد والرباطات، (وقوله: من المسلمين) أفاد به أنه يشترط لعدم القطع الاسلام، فلو كان ذميا وسرق من مال المصالح قطع به، ولا نظر إلى إنفاق الامام عليه عند الحاجة لأنه إنما ينفق عليه للضرورة وبشرط الضمان كما في الانفاق على المضطر، وأما انتفاعه بالقناطر والرباطات فللتبعية من حيث أنه قاطن ببلاد الاسلام، لا لاختصاصه بحق فيه (قوله: ولا بمال بعض) معطوف أيضا على لا بنحو حصر الخ: أي ولا يقطع بسرقة مال بعض للسارق، (وقوله: من أصل أو فرع) بيان للبعض، وفي هذا البيان نظر. إذ الأصل ليس بعضا من الفرع ولو عبر كغيره بقوله ولا بمال أصل أو فرع لكان أولى، وعبارة الروض وشرحه: ولا يقطع بمال فرعه وإن سفل وأصله وإن علا لما بينهما من الاتحاد ولان مال كل منهما مرصد لحاجة الآخر، ومنها أن لا تقطع يده بسرقة ذلك المال، بخلاف سائر الأقارب. اه‍. وكما لا يقطع الأصل والفرع بسرقة مال الآخر لا يقطع رقيق كل منهما بسرقة مال الآخر لان القاعدة أن من لا يقطع بمال لا يقطع به رقيقه (قوله: وسيد) معطوف على بعض: أي ولا يقطع رقيق بسرقة مال سيده لان يده كيده ولشبهة استحقاقه النفقة في مال سيده ولو مبعضا أو مكاتبا لأنه قد يعجز نفسه فيصير قنا كما كان، ولذلك لا يقطع السيد بسرقة مال مكاتبه (قوله: لشبهة استحقاق النفقة) تعليل لعدم القطع في المسألتين سرقة مال البعض ومال السيد: أي وإنما لم تقطع يد السارق من مال البعض أو السيد لوجود الشبهة وهي استحقاق النفقة، (وقوله: في الجملة) أي من بعض الوجوه، وهو ما إذا كان البعض المنفق عليه فقيرا وما إذا كان الرقيق غير مكاتب لان المكاتب نفقته على نفسه لا على سيده (قوله: والأظهر قطع أحد الزوجين بالآخر) أي لعموم الأدلة وشبهة استحقاقها النفقة والكسوة في ماله لا أثر لها لأنها مقدرة محدودة، وبه فارقت المبعض والقن وأيضا، فالفرض أنه ليس لها عنده شئ منها، فإن فرض أن لها شيئا من ذلك حال السرقة وأخذته بقصد الاستيفاء لم تقطع ومقابل الأظهر قولان: الأول لا قطع على واحد من الزوجين للشبهة لأنها تستحق النفقة وهو يستحق الحجر عليها، الثاني يقطع الزوج دونها لان لها حقوقا في ماله، بخلافه، ومال إلى هذا الأذرعي. أفاده المغني (قوله: أي بسرقة الخ) أفاد به أن في الكلام مضافين مقدرين بعد الباء الجارة لأجل تصحيح العبارة، (وقوله: ماله) أي الآخر. (وقوله: المحرز عنه) أي المحفوظ عن السارق بسبب جعله في حرزه (قوله: فإن عاد الخ) مرتبط بقوله ويقطع، أي الامام كوع يمين بالغ (قوله: بعد قطع يمناه) أي من مفصل الكوع، وخرج به ما لو سرق قبل قطع يمناه فإنه يكتفي بقطعها، كما علم مما مر، (وقوله: إلى السرقة ثانيا) متعلق بعاد (قوله: فتقطع رجله اليسرى) أي بعد اندمال يده اليمنى لئلا يفضي التوالي إلى الهلاك، وهكذا يقال فيما بعده. (وقوله: من مفصل الساق والقدم) أي من المفصل الذي بين الساق والقدم (قوله: فإن عاد ثالثا) أي إلى السرقة بعد قطع رجله اليسرى (قوله: فتقطع يده اليسرى من كوعها) أي من مفصل كوعها وهو، كما تقدم أول الكتاب الذي يلي إبهام اليد (قوله: فإن عاد رابعا) أي إلى السرقة بعد قطع يده اليسرى، وقوله فتقطع رجله اليمنى.
واعلم: أنه إنما كان القطع من خلاف لئلا يفوت عليه جنس المنفعة من جهة واحدة فتضعف حركته كما في قطع الطريق، وقد روى الإمام الشافعي رضي الله عنه بإسناد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال في السارق إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله، ثم إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله وحكمة قطع اليد والرجل أنهما آلة السرقة، بالأخذ والنقل، ومحل ما ذكر من الترتيب إذا كان له أربع، إذ هو الذي يتأتى فيه الترتيب،
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست