عالما بالتحريم وأن لا يكون مأذونا له من المالك (قوله: أي الامام) يعني أن الذي يستوفي القطع في غير الرقيق الامام أو نائبه فلو فوضه للسارق لم يقع الموقع، بخلاف ما لو فوضه للمسروق منه فيقع الموقع، وإن امتنع من التفويض له مخافة أن يردد الآلة عليه فيؤدي إلى إهلاكه أو قطعها أحد بلا إذن الإمام عزر لإفتياته وتعديه عليه ولا يضمن شيئا وإن مات بالسراية لأنها مستحقة وما تولد من قطعها تولد من مستحق. اه. ش ق (قوله: وجوبا) أي حال كون القطع وجوبا: أي واجبا للامر به في الآية السابقة، وهو الوجوب. ويمتنع العفو عنه بعد رفع الامر إليه، وأما ما نقل عن سيدنا معاوية رضي الله عنه أنه عفا عن سارق حين أنشدته أمه:
يميني أمير المؤمنين أعيذها بعفوك أن تلقى نكالا يشينها فلا خير في الدنيا وكانت خبيثة إذا ما شمالي فارقتها يمينها فهو مذهب صحابي فلا يرد (قوله: بعد طلب المالك) متعلق بيقطع أي يقطع الامام بعد طلب صاحب المال للقطع وقوله وثبوت السرقة: أي عنده بما يأتي ولا يقطع قبل ذلك، فلو قطع لا يقع الموقع (قوله: كوع يمين) مفعول يقطع: أي تقطع يده اليمنى من مفصل الكوع ولو كانت معيبة أو ناقصة، كفاقدة الأصابع أو زائدتها خلقة أو عروضا، وإن سرق مرارا قبل قطعه لاتحاد السبب، كما لو زنى أو شرب مرارا فإنه يكتفي بحد واحد، كما مر، فإن سرق ثانيا بعد قطعه قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم، فإن سرق ثالثا قطعت يده اليسرى كذلك، فإن سرق رابعا قطعت رجله اليمنى فإن سرق بعد ذلك عزر، ولا يقتل، كما سيذكره، وقوله بالغ: مجرور بإضافة يمين إليه، ويشترط أيضا أن يكون عاقلا مختارا ملتزما للأحكام، فلا قطع على صبي ومجنون ومكره وحربي (قوله: سرق الخ) الجملة صفة لبالغ، وقوله: أي أخذ خفية تفسير ليسرق (قوله: ربع دينار) مفعول سرق: أي سرق ربع دينار أي فصاعدا لخبر مسلم: لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا.
واعلم: أن العبرة في المضروب من الذهب بالوزن فقط فلاتعتبر فيه القيمة، والعبرة في غير المضروب بالوزن والقيمة معا فلو كان وزنه دون ربع دينار فلا قطع به، وإن بلغت قيمته ربع دينار كخاتم وزنه دون ربع دينار وبلغ بالصنعة ربع دينار فأكثر فلا نظر لقيمة الصنعة، ولو كان وزنه ربع دينار فأكثر ولم تبلغ قيمته ذلك فلا قطع به أيضا كربع دينار سبيكة أو حليا أو نحو ذلك كقراضة الذهب لا يساوي ربعا مضروبا، والعبرة في غير الذهب ولو من الفضة بالقيمة فقط، فلو سرق من الفضة ما يبلغ قيمته ربع دينار قطع به وإن لم يبلغ وزنه ذلك، وكذا لو سرق شيئا يساوي ذلك حتى المصحف وكتب العلم الشرعي وما يتعلق به وكتب شعر نافع مباح، وكذا الكتب التي لا يحل الانتفاع بها إن بلغت قيمة ورقها وجلدها نصابا وإناء النقدين إن بلغ بدون صنعته نصابا إلا إن أخرجه من الحرز ليظهر كسره فلا قطع حينئذ، وكذا كل ما سلط الشرع على كسره كمزمار وطنبور وصنم وصليب لان إزالة المعصية مطلوبة شرعا فصار شبهة لكن محل ذلك إن قصد بإخراجه تكسيره فإن قصد السرقة وبلغ مكسره نصابا قطع به لأنه سرق نصابا من حرز مثله كما لو كسره في الحرز ثم أخرجه وهو يبلغ نصابا فإنه يقطع به كما يقطع بإناء الخمر أو إناء البول إن بلغ نصابا وقصد بإخراجه السرقة، فإن قصد بإخراجه إراقته فلا قطع لان ذلك مطلوب شرعا ولا قطع فيما لا يتمول كخمر ولو محترمة وخنزير وكلب ولو معلما وجلد ميتة بلا دبغ لان ما ذكره لا قيمة له. نعم: إن صار الخمر خلا قبل إخراجه من الحرز أو دبغ الجلد قبل ذلك ولو بدبغ السارق به وكل منهما يساوي نصابا قطع به ويقطع بثوب رث، أي بال، في جيبه تمام نصاب وإن جهله السارق لأنه أخرج نصابا من حرز مثله بقصد السرقة، والجهل بجنسه لا يؤثر كالجهل بصفته (قوله: أي مثقال) تفسير للدينار، وقوله ذهبا:
تمييز لمثقال (قوله: مضروبا خالصا) حالان من ربع دينار: أي حال كون الربع الذي يقطع به مضروبا، فلا يقطع بما إذا كان ربع دينار سبيكة ولا يساوي قيمة مضروب كما سيذكره وحال كونه خالصا فلا يقطع بما إذا كان ربعا مغشوشا (قوله:
وإن تحصل من مغشوش) أي أن المعتبر في المسروق أن يكون وزنه ربع دينار خالصا ولو تحصل ذلك من مغشوش