(وقوله: أو زجر إلخ) التعبير يفيد أنه لا يشترط الجمع بين الحث على الطاعة والزجر عن المعصية، بل يكفي أحدهما، وهو كذلك. كما صرح به في التحفة، وعلله بلزوم أحدهما للآخر. (قوله: لأنها المقصود من الخطبة) علة لايجاب الوصية بالتقوى، وكان الأولى أن يقدمها على قوله: ولا يتعين لفظها، كما في التحفة. (قوله: فلا يكفي إلخ) مفرع على اشتراط الوصية بالتقوى، وإنما لم يكف ذلك لأنه معلوم حتى عند الكافر. (وقوله: وذكر الموت) بالجر معطوف على التحذير، أي ولا يكفي مجرد ذكر الموت. (وقوله: وما فيه) معطوف على الموت، وضمير فيه يعود عليه. (قوله: قال ابن الرفعة يكفي فيها) أي الوصية بالتقوى. (وقوله: ما إلخ) أي صيغت اشتملت على الامر بالاستعداد للموت، بأن يقال:
استعدوا أو تأهبوا للموت. وذلك لان الاستعداد له إنما يكون بفعل الطاعات وترك المحرمات، فالامر به يستلزم الحث على طاعة الله والزجر عن معصية الله، بخلاف ذكر الموت، وما فيه من الفظاعة والألم، فإنه لا يكفي فيها، لأنه لا يفيد حثا على الطاعة، ولا زجرا عن المعصية.
(واعلم) أن التقوى عبارة عن امتثال أوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه، ظاهرا وباطنا، مع استشعار التعظيم لله، والهيبة والخشية والرهبة من الله، وهي وصية الله رب العالمين للأولين والآخرين. قال الله تعالى: * (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله) * (1) فما من خير عاجل ولا آجل، ظاهر ولا باطن، إلا والتقوى سبيل موصل إليه ووسيلة مبلغة له. وما من شر عاجل ولا آجل، ظاهر ولا باطن إلا والتقوى حرز حريز وحصن حصين للسلامة منه، والنجاة من ضرره. وكم علق الله العظيم في كتابه العزيز على التقوى من خيرات عظيمة وسعادات جسيمة، رزقنا الله التقوى والاستقامة، وأعاذنا من موجبات الندامة، بجاه سيدنا محمد (ص) المظلل بالغمامة.
(قوله: ويشترط أن يأتي إلخ) أي لان كل خطبة مستقلة ومنفصلة. (وقوله: بكل من الأركان الثلاثة) وهي الحمدلة، والصلاة على النبي (ص)، والوصية بالتقوى. (وقوله: فيهما) متعلق بيأتي. (ويندب أن يرتب الخطيب الخ) وإنما لم يجب لحصول المقصود بدونه وقال بالوجوب الرافعي والماوردي وقوله وما بعدها أي وما بعد الأركان الثلاثة من القراءة والدعاء (قوله بأن يأتي الخ) تصوير للترتيب (قوله أو لا) لو حذفه ما ضره (قوله: فبالقراءة) أي فيأتي بالقراءة، ولو حذف الباء هنا وفيما بعد لكان أخصر. (قوله: ورابعها) أي أركان الخطبتين. (قوله: قراءة آية) أي سواء كانت وعدا، أم وعيدا، أم حكما، أم قصة. ومثلها بعض آية طويلة - على ما قاله الامام واعتمده م ر - وخالف في التحفة - فقال: لا يكتفي ببعض آية وإن طال. (وقوله: مفهمة) أي معنى مقصودا كالوعد والوعيد. وخرج به ثم نظر أو ثم عبس لعدم الافهام، وإنما اشترط الافهام هنا، لان المقصود الوعظ، بخلاف العاجز عن الفاتحة: لا يشترط في الاتيان ببدلها الافهام، بل إذا حفظ آية غير مفهمة - ولو منسوخة الحكم فقط دون التلاوة - كفت قراءتها. وفي سم: هل تجزئ الآية مع لحن يغير المعنى؟ فيه نظر. وقد يتجه عدم الاجزاء، والتفصيل بين عاجز انحصر الامر فيه وغيره اه. (قوله: في إحداهما) أي لثبوت أصل القراءة من غير تعيين محلها، فدل على الاكتفاء بها في إحداهما. اه. تحفة. (قوله: وفي الأولى أولى) أي وكون قراءة الآية في الخطبة الأولى، أي بعد فراغها، أولى من كونها في الخطبة الثانية، لتكون في *