إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٤٦
إدراك الفاتحة. ولو أخر الغاية عن قوله يكون كبطئ القراءة لكان أولى. وعبارة التحفة: وظاهر كلامهم هنا عذره وإن لم يندب له دعاء الافتتاح، بأن ظن أنه لا يدرك الفاتحة لو اشتغل به، وحينئذ يشكل بما مر في تارك الفاتحة متعمدا حيث إنه لا يعذر بذلك، إلا أن يفرق بأن له هنا نوع شبهة لاشتغاله بصورة سنة، بخلاف ما مر. ويشكل أيضا بما يأتي في المسبوق أن سبب عدم عذره كونه اشتغل بالسنة عن الفرض، إلا أن يفرق بأن المسبوق يتحمل عنه الامام، فاحتيط له بأن لا يكون صرف شيئا لغير الفرض، والموافق لا يتحمل عنه، فعذر للتخلف لاكمال الفاتحة، وإن قصر بصرفه بعض الزمن لغيرها.
اه‍. بتصرف (قوله: يكون إلخ) جواب إذا. (قوله: فيما مر) أي من أنه يعذر ويغتفر له ثلاثة أركان طويلة. (قوله: وسبقه إلخ) لما أنهى الكلام على بيان حكم من يتخلف عن الامام شرع يتكلم على بيان حكم من تقدم عليه، فذكر أنه إن تقدم عليه بركنين فعليين عامدا عالما بطلت صلاته، وإن تقدم عليه بركن فعلي فقط حرم، ولا تبطل صلاته. ثم إن سبق:
مصدر مضاف لفاعله واقع مبتدأ، خبره مبطل، وكان الأولى والملائم لما قبله أن يقول وعدم سبقه إلخ، ويحذف لفظ مبطل، وذلك ليفيد صراحة أن من شروط صحة القدوة عدم ذلك أيضا. (قوله: على إمام) متعلق بسبقه، وعداه بعلى لكونه بمعنى التقدم، وهو يتعدى بنفسه، وبعلى. (قوله: عامدا عالما) حالان من فاعل المصدر. وسيذكر محترزهما.
(قوله: بتمام ركنين) متعلق بسبق، أي عدم سبقه بركنين فعليين تامين. ولا بد أن يكونا متواليين. فخرج بالفعلين القوليان، كالتشهد الأخير والصلاة على النبي (ص) فيه. والقولي والفعلي: كالفاتحة، والركوع. وخرج بالتامين التقدم بركن وبعض ركن، وبالمتواليين غيرهما، فلا ضرر في جميع ذلك. (قوله: وإن لم يكونا طويلين) أي أنه يضر التقدم بركنين فعليين، سواء كانا طويلين كالسجدة الثانية والقيام، أو طويلا وقصيرا كالركوع، والاعتدال. والغاية تشمل القصيرين، لكنه غير مراد، لعدم تصورهما. (قوله: لفحش المخالفة) علة للبطلان بالتقدم بهما. (قوله: وصورة إلخ) هذه الصورة المعتمدة عند شيخ الاسلام والخطيب وم ر، قياسا على التخلف عن الامام بهما، فإن صورته - كما تقدم - أن يركع الامام قبله ويعتدل ويهوي للسجود، وهو متلبس بالقيام. (قوله: وأن يركع إلخ) هذه صورة ثانية للتقدم على الامام بهما. قال الكردي: رجح هذه الصورة ابن حجر في شرحه على الارشاد والعباب، وفي الأسنى هو الأولى (1) وأوردهما - أي الصورتين - معا في التحفة ولم يرجح منهما شيئا. اه‍. ويفارق التقدم حينئذ ما تقدم في التخلف بأن التقدم أفحش، فأبطل بركنين ولو على التعاقب. (قوله: فلم يجتمع) أي المأموم.
(وقوله معه) أي الامام (قوله: ولوسبق) أي المأموم الامام بهما، أي بركنين. (قوله: سهوا أو جهلا) أي حال كونه ساهيا أي ناسيا أنه مقتد، أو حال كونهجاهلا بالتحريم. وكتب سم ما نصه: قوله سهوا أو جهلا:
فيه إشارة إلى أنه يجب العود إلى الامام عند زوال السهووالجهل، وهو قريب، ويوجه بأن في السبق بهما فحش المخالفة، ولهذا عللوا به البطلان عند التعمد. اه‍. (قوله: لميضر) أي لا يبطل الصلاة. (قوله، لكن لا يعتد له) أي للمأموم.
(وقوله بهما) أي بالركنين اللذين سبق الامام بهما سهواأو جهلا. (قوله: فإذا لم يعد إلخ) تفريع على عدم الاعتداد له بهما، وكان المناسب في التفريع أن يقول فيجب عليه

(1) (وقوله: وفي الأسنى هو الأولى) أي أن هذا التصوير هو الأولى، بفتح الهمزة وسكون الواو ز وعباراته مع الروض: ومثله العراقيون بأنيركع قبله، فلما أراد أن يركع رفع، فلما أراد أن يرفع سجد، وهو مخالف لما سبق في التخلف، فيجوز أن يستويا، وأن يختص هذا بالتقدم لفحش المخالفة، وهو الأولى، لأنه أفحش أ ه‍.
وهذا لا ينافي ما تقدم من أن الصورة الأولى المعتدة عن شيخ الاسلام، لان ما جرى عليه في الأسنى ضعيف. فتنبه، اه‍. مولف.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست