(قوله: كنذر السفيه) أي كما لا يصح نذر السفيه، ومثله المفلس، ومحله كما مر في القرب المالية العينية، كعتق هذا العبد. أما القرب البدنية أو المالية التي في الذمة، فيصح نذرهما لها كما علمت أول الفرع.
قال في المغني: ويصح نذر الرقيق المال في ذمته، ولو بغير إذن سيده كما اقتضاه كلامهم فإن قيل ينبغي أن لا يصح كما قاله ابن رفعة كما لا يصح ضمانه في ذمته بغير إذن سيده. أجيب بأن المغلب في النذر حق الله تعالى:
إذ لا يصح إلا في قربة، بخلاف الضمان، وإلا صح انعقاد نذره الحج. قال ابن الرفعة: ويشبه أن غير الحج كذلك.
اه. (قوله: وقيل يصح من الكافر) لم يذكره في التحفة والنهاية والمغني والأسنى وفتح الجواد، ولعله محمول على نذر اللجاج لما مر أنه يصح من الكافر. (قوله: وبالقربة المعصية) معطوف على بالمسلم، أي وخرج بالقربة المعصية فلا ينعقد نذرها لحديث: لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا يملكه ابن آدم. وللحديث المار: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه.
ولا فرق في المعصية بين أن تكون فعلا: كأن قال: لله علي نذر أن أشرب الخمر أو أقتل. أو تكون تركا كأن قال:
لله علي أن أترك الصلوات الخمس أو إحداها.
ولا فرق فيها أيضا بين أن تكون ذاتية كما ذكر أو عارضية كما لو نذر أن يصلي في الأرض المغصوبة فلا ينعقد كما جزم به المحاملي، ورجحه الماوردي، وكذا البغوي في فتاويه، ويؤيده أنه لا ينعقد نذر الصلاة في الأوقات المكروهة، ولا في ثوب نجس. وقيل يصح النذر للصلاة في الأرض المغصوبة، ويصلي في موضع آخر. ويمكن حمله على ما لو نذر الصلاة في هذه الأرض وكانت مغصوبة فإنه يصح النذر، ويصلي في موضع آخر.
(قوله: كصوم أيام التشريق) أي فإنه معصية، ومثله صوم العيدين. (قوله: وصلاة لا سبب لها) أي متقدم أو مقارن، فإنها معصية في الوقت المكروه. (قوله: فلا ينعقدان) أي الصوم والصلاة المذكوران. والمراد: لا ينعقد نذرهما. (قوله: وكالمعصية: المكروه) أي فهو لا ينعقد نذره. وظاهره أنه لا فرق فيه بين المكروه الذاتي والعارضي، وليس كذلك، بل هو مقيد بالأول كما في التحفة، والنهاية. ونص عبارة الأولى: وكالمعصية: المكروه لذاته، أو لازمة كصوم الدهر الآتي، وكنذر ما لا يملك غيره وهو لا يصبر على الإضافة، لا لعارض كصوم يوم الجمعة، وكنذره لاحد أبويه أو أولاده فقط وقول جمع لا يصح لان الايثار هنا بغير غرض صحيح مكروه، مردود بأنه لأمر عارض وهو خشية العقوق من الباقين. ثم قال: ومحل الخلاف: حيث لم يسن إيثار بعضهم. أما إذا نذر للفقير أو الصالح أو البار منهم، فيصح اتفاقا. اه. (قوله: والنذر لاحد أبويه إلخ) مخالف لما مر في عبارة التحفة، ولعله جار على قول جمع.
(قوله: وكذا المباح) أي ومثل المعصية في عدم الانعقاد: نذر المباح فعلا أو تركا - وهو ما استوى فعله وتركه، وذلك لخبر ابن داود: لا نذر إلا فيما ابتغي به وجه الله تعالى. وفي البخاري أنه (ص): أمر أبا إسرائيل أن يترك ما نذره من نحو قيام وعدم استظلال. وإنما قال (ص) لمن نذرت أن تضرب على رأسه بالدف حين قدم المدينة: أوفي بنذرك: لما اقترن به من غاية سرور المسلمين، وإغاظة المنافقين بقدومه، فكان وسيلة لقربة عامة، ولا يبعد فيما هو وسيلة لهذه أنه مندوب للأزمة، على أن جمعا قالوا بندبه لكل عارض سرور، لا سيما النكاح، ومن ثم أمر به في أحاديث، وعليه: فلا إشكال أصلا. اه. تحفة. (قوله: ك: لله علي أن آكل أو أنام) تمثيل لنذر فعل المباح، ومثله نذر تركه، ك: لله علي أن أترك الاكل أو النوم. (قوله: وإن قصد إلخ) أي لا ينعقد نذر المباح، وإن اقترن بنية عبادة، كقصد التقوي به على الطاعة، أو