وشرط في الناذر: إسلام، فلا المؤلف يصح من الكافر. واختيار، فلا يصح من المكره. ونفوذ تصرف فيما ينذره بكسر الذال وضمها فلا يصح ممن لا ينفذ تصرفه فيما ينذره، كصبي، ومجنون، مطلقا بخلاف السكران، فيصح منه، وكمحجور عليه بسفه أو فلس في القرب المالية العينية كعتق هذا العبد بخلاف القرب البدنية، أو القرب المالية التي في الذمة. وإمكان فعله المنذور، فلا يصح نذره صوما لا يطيقه، ولا نذر بعيد عن مكة حجا في هذه السنة.
وشرط في المنذور: كونه قربة لم تتعين بأصل الشرع.
وشرط في الصيغة: كونها لفظا يشعر بالالتزام كلله علي كذا، أو علي كذا. وفي معنى اللفظ الكتابة، وإشارة أخرس تدل أو تشعر بالالتزام مع النية في الكتابة، فلا يصح بالنية كسائر العقود ولا بما لا يشعر بالالتزام، كأفعل كذا.
(قوله: وهو) أي النذر. وقوله: قربة على ما اقتضاه إلخ والحاصل أنهم اختلفوا في النذر: هل هو قربة؟ أو مكروه؟ فقال بعضهم بالأول وهو المعتمد الذي اقتضاه كلام الشيخين، ودل عليه الكتاب والسنة والاجماع والقياس.
وقال بعضهم بالثاني: لثبوت النهي عنه وهو ضعيف، والنهي محمول على نذر اللجاج.
وعبارة المغني: (تنبيه) اختلفوا: هل النذر مكروه أو قربة؟ نقل الأول عن النص، وجزم به المصنف في مجموعه، لخبر الصحيحين أنه (ص): نهى عنه، وقال: إنه لا يرد شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل. ونقل الثاني: عن القاضي والمتولي والغزالي، وهو قضية قول الرافعي: النذر تقرب، فلا يصح من الكفار.
وقول المصنف في مجموعه في كتاب الصلاة النذر عمدا في الصلاة لا يبطلها في الأصح، لأنه مناجاة لله تعالى، فهو يشبه قوله: سجد وجهي للذي خلقه وصوره. وقال في المهمات: ويعضده النص، وهو قوله تعالى: * (وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه) * (1) أي فيجازي عليه. والقياس: وهو أنه وسيلة إلى القربة، وللوسائل حكم المقاصد، وأيضا فإنه يثاب عليه ثواب الواجب كما قاله القاضي حسين وهو يزيد على النفل بسبعين درجة كما في زوائد الروضة في النكاح عن حكاية الامام والنهي محمول على من ظن أنه لا يقوم بما التزمه، أو أن للنذر تأثيرا كما يلوح به الخبر، أو على المعلق بشئ.
وقال الكرماني: المكروه التزام القربة لا القربة إذ ربما لا يقدر على الوفاء.
وقال ابن الرفعة: الظاهر أنه قربة في نذر التبرر دون غيره. اه. وهذا أوجه. اه.
(قوله: وعليه) أي على أنه قربة. (قوله: بل بالغ إلخ) إضراب انتقالي. (قوله: فقال: دل على ندبه الكتاب) أي القرآن العظيم. وذلك كقوله تعالى: * (وليوفوا نذورهم) * (2) وقوله: والسنة أي الأخبار الواردة عن النبي (ص)، وذلك كخبر البخاري: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. وقوله: فليطعه أي ليف بنذره.
(قوله: والقياس) أي وهو أنه وسيلة إلى القربة، وللوسائل حكم المقاصد كما يعلم من عبارة المغني المارة -. (قوله:
وقيل مكروه) أي أن النذر مكروه. (قوله: للنهي عنه) أي عن النذر. (قوله: وحمل الأكثرون إلخ) إنما حملوه عليه لان الناذر لا يقصد به القربة، وإنما يقصد به منع نفسه أو غيره من شئ، كقوله: إن كلمت فلانا أو فعل فلان كذا، فلله علي كذا. أو الحث لنفسه أو غيره على شئ، كقوله: إن لم أدخل الدار أو إن لم يفعل فلان كذا، فلله علي كذا. أو تحقيق خبره، كقوله: إن لم يكن الامر كما قلت، أو كما قال فلان، فلله علي كذا. وقوله: نذر اللجاج هو بفتح اللام التمادي في الخصومة أي التطويل فيها وضابط هذا النذر أن يمنع الشخص نفسه أو غيرها من شئ أو بحث عليه أو