إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٣٩٩
كذلك إذ جاء الثعلب وفي فمه شئ كأنه الدجاجة، فوضعها، فبادرنا إليه لنأخذها ونحن نحسبه الدجاجة فلما قمنا:
جاء إلى الأخرى وأخذها من السفرة، وأصبنا الذي قمنا إليه لنأخذها، فإذا هو ليف قد هيأه مثل الدجاجة. اه‍.
(قوله: وسنجاب) أي لان العرب تستطيبه. قال البجيرمي: وهو حيوان على حد اليربوع، يتخذ من جلده الفراء.
اه‍. ومثله السمور بفتح السين، وتشديد الميم وهما نوعان من ثعالب الترك. (قوله: وكل لقاط للحب) أي كالحمام.
ودخل فيه سائر أنواع الطيور ما عدا ذا المخلب: أي الظفر كالصقر، والباز، والشاهين للنهي عنها في خبر مسلم.
(قوله: لا أسد) معطوف على الانعام، أي وليس من المأكول الأسد، ومثله كل ذي ناب قوي يعدو به على الحيوان، كنمر، وذئب، ودب، وفيل، وكلب، وخنزير، وفهد، وابن آوى، وهرة ولو وحشية. (قوله: وقرد) أي لأنه ذو ناب، وهو حيوان ذكي، سريع الفهم، يشبه الانسان في غالب حالاته، فإنه يضحك، ويضرب، ويتناول الشئ بيده، ويأنس بالناس. وفي البجيرمي: قال الدميري: يحرم أكله، ويجوز بيعه. اه‍. (قوله: وصقر إلخ) أي ولا صقر إلخ. أي ونحوها من كل ذي مخلب من الطير. والصقر اسم جنس لكل ما يصيد، فهو شامل للبازات، والشواهين، وغيرهما.
قال الشرقاوي: وكالصقر في الحرمة: الرخ وهو أعظم الطيور جثة، لان طول جناحه عشرة آلاف باع، المساوية لأربعين ألف ذراع وكذا النسر، والعقاب بضم أوله وجميع جوارح الطير. اه‍. بحذف. (قوله: وطاوس) هو طائر في طبعه العفة، وحب الزهو بنفسه، والخيلاء والاعجاب بريشه. (قوله: وحدأة) هي بوزن عنبه، وجمعها حدى.
ذكر عن ارسطا طاليس أن الغراب يصير حدأة، وهي تصير عقابا، كذا يتبدلان كل سنة. ومن طبع الحدأة أن تقف في الطيران، وليس ذلك لغيرها. ويقال إنها أحسن الطير مجاورة لما جاورها من الطير، فلو ماتت جوعا لم تعد على فراخ جارها.
والسبب في صياحها عند سفادها أن زوجها قد جحد ولدها منه، فقالت: يا نبي الله، قد سفدني، حتى إذا حضنت بيضي، وخرج منه ولدي، جحدني، فقال سليمان عليه السلام للذكر: ما تقول؟ فقال: يا نبي الله، إنها تحوم حول البراري، ولا تمتنع من الطيور، فلا أدري، أهو مني، أو من غيري؟ فأمر سليمان عليه السلام بإحضار الولد، فوجده يشبه والده، فألحقه به، ثم قال سليمان: لا تمكنيه أبدا حتى تشهدين على ذلك الطير، لئلا يجحد بعدها. فصارت إذا سفدها صاحت وقالت: يا طيور، اشهدوا، فإنه سفدني. اه‍. بجيرمي.
ومثل الحدأة: الرخمة، وهو طائر أبيض، ومن طبعه أنه لا يرضى من الجبال إلا الموحش منها، ولا من الأماكن إلا أبعدها من أماكن أعدائه. والأنثى لا تمكن من نفسها غير ذكرها، وتبيض بيضة واحدة.
(قوله: وبوم) هو بلا تاء للذكر، والأنثى يقال لها بومة بالتاء وهي المصاصة، ومن طبعها أن تدخل على كل طائر في وكره، وتخرجه منه، وتأكل فراخه وبيضه، وهي قوية السطوة في الليل، لا يحتملها شئ من الطير، ولا تنام في الليل.
وعن سيدنا سليمان صلوات الله وسلامه عليه: ليس من الطيور أنصح لبني آدم، وأشفق عليهم من البومة تقول إذا وقفت عند خربة: أين الذين كانوا يتنعمون في الدنيا ويسعون فيها؟ ويل لبني آدم كيف ينامون وأمامهم الشدائد؟
تزودوا يا غافلين، وتهيأوا لسفركم. ح ل. اه‍. بجيرمي.
(قوله: ودرة) هي في قدر الحمامة، فيتخذها الناس للانتفاع بصوتها كما يتخذون الطاووس للانتفاع بصوته ولونه ولها قوة على حكاية الأصوات، وقبول التلقين.
قال ح ل: وقد وقع لي أني دخلت منزلا لبعض أصحابنا وفيه درة لم أرها، فإذا هي تقول: مرحبا بالشيخ البكري وتكرر ذلك فعجبت من فصاحة عبارتها.
(٣٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»
الفهرست