إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٥
مع القدرة وخصوصا بعد حجة الاسلام لان حقه (ص) على أمته عظيم، ولو أن أحدهم يجئ على رأسه أو على بصره من أبعد موضع من الأرض لزيارته (ص)، لم يقم بالحق الذي عليه لنبيه جزاه الله عن المسلمين أتم الجزاء:
زر من تحب وإن شطت بك الدار * وحال من دونه ترب وأحجار لا يمنعنك بعد عن زيارته * إن المحب لمن يهواه زوار ويسن لمن قصد المدينة الشريفة أن يكثر من الصلاة على النبي (ص) في طريقه. وإذا قرب من المدينة المنورة سن أن ينيخ بذي الحليفة، ويغتسل، ثم يتوضأ أو يتيمم عند فقد الماء وأن يزيل نحو شعر إبطه وعانته، ويقص أظفاره، وأن يلبس أنظف ثيابه، وأن يتطيب، وأن ينزل الذكر القوي عن راحلته عند رؤية المدينة إن قدر عليه وأن يمشي حافيا إن أطاق وأمن التنجيس -.
وأن يقول إذا بلغ حرم المدينة: اللهم هذا حرم نبيك، فاجعله لي وقاية من النار، وأمانا من العذاب وسوء الحساب، وافتح لي أبواب رحمتك، وارزقني في زيارة نبيك ما رزقته أولياءك وأهل طاعتك، واغفر لي وارحمني يا خير مسؤول. اللهم إن هذا هو الحرم الذي حرمته على لسان حبيبك ورسولك (ص) ودعاك أن تجعل فيه من الخير والبركة مثلي ما هو بحرم بيتك الحرام، فحرمني على النار، وأمني من عذابك يوم تبعث عبادك، وارزقني من بركاتك ما رزقته أولياءك وأهل طاعتك، ووفقني فيه لحسن الأدب، وفعل الخيرات، وترك المنكرات.
ويسن أن يقول عند دخول البلد: بسم الله ما شاء الله، لا قوة إلا بالله. * (رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) *. (1) حسبي الله. آمنت بالله، وتوكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اللهم إليك خرجت، وأنت أخرجتني. اللهم سلمني وسلم ديني، وردني سالما في ديني كما أخرجتني. اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أزل أو أزل، أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي، عز جارك، وجل ثناؤك، وتبارك اسمك، ولا إله غيرك.
اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، ويحق ممشاي هذا إليك، فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا، ولا رياء ولا سمعة. خرجت اتقاء سخطك، وابتغاء معروفك. أسألك أن تعيذني من النار، وتدخلني الجنة.
وينبغي أن يكون ممتلئ القلب بتعظيمه (ص) وهيبته كأنه يراه، ليعظم خشوعه، وتكثر طاعاته، وأن يتأسف على فوات رؤيته (ص) في الدنيا التي سعد بها من رأى إشراق نوره على صفحات الوجود، وأنه من رؤيته في الآخرة على خطر.
ويسن أن يتصدق بما أمكنه التصدق به، عملا بآية * (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) * (2) الآية.
وإذا قرب من باب المسجد، يسن أن يجدد التوبة، ويقف لحظة حتى يعلم من نفسه التطهر من دنس الذنوب، ليكون على أطهر حالة. ويستحضر عند رؤية المسجد جلالته، الناشئة من جلالة مشرفة (ص)، وأنه (ص) كان ملازم الجلوس لهداية أصحابه وتربيتهم ونشر العلوم فيه.
ويسن أن يدخل من باب جبريل عليه السلام، وأن يقف بالباب وقفة لطيفة كالمستأذن في الدخول على العظماء، وأن يقدم رجله اليمنى عند الدخول قائلا - ما ورد لدخول كل مسجد: أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم. بسم الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد وصحبه وسلم. اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك. رب وفقني وسددني وأصلحني. وأعني على ما يرضيك عني، ومن علي بحسن الأدب في هذه الحضرة الشريفة. السلام عليك أيها النبي

(١) الاسراء ٨٠.
(٢) المجادلة: ١٢.
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»
الفهرست