فهل له اللبس قبيل العذر * بغالب الظن بدون الوزر؟
أم بعد أن يحصل عذر ظاهر * يجوز لبس وغطاء ساتر؟
ولو طرا عذر وزال عنه * هل يجب النزع ببرء منه؟
(أجاب رحمه الله) ومحرم قبل طرو العذر * أجز له اللبس بغير وزر بغالب الظن ولا توقف * على حصوله، وهذا الأرأف نظيره من ظن من غسل بما * حصول سقم جوزوا التيمما ومن تزل أعذاره فليقلع * مبادرا وليعص إن لم ينزع (قوله: فلا يحرم على الرجل إلخ) مفهوم قوله بلا عذر. (وقوله: ستر رأس) أي ولا لبسه محيطا. وكان الأولى للشارح أن يزيده، لما علمت أن قوله بلا عذر راجع لكل من ستر ولبس، فيكون هو مفهوم قوله بلا عذر بالنسبة للبس، ولا يصح أن يكون قوله الآتي ولا لبس محيط إن لم يجد غيره هو مفهومه بالنسبة له كما ستعرفه. (قوله: كحر وبرد) تمثيل للعذر، ودخل تحت الكاف: الجراحة، والكسر، والوجع، ونحوها. (قوله: ويظهر ضبطه) أي العذر. (وقوله: هنا) أي في هذا الباب، بخلافه في غير هذا الباب، فهو ما أباح التيمم، ومن العذر ما لو تعين ستر وجه المرأة طريقا في دفع النظر إليها المحرم، فيجوز حينئذ، وتجب به الفدية. (قوله: بما لا يطيق الصبر عليه) متعلق بضبطه، أي ضبطه بكل ما لا يطيق الصبر عليه كالحر والبرد. (قوله: وإن لم يبح التيمم) أي لا فرق فيما لا يطيق الصبر عليه بين أن يكون مبيحا لتيمم أو لا. (قوله: فيحل) أي ستر الرأس لعذر، وهذا عين قوله فلا يحرم، إلا أنه أعاده لأجل إفادة ما بعده. (وقوله: مع الفدية) أي مع وجوبها عليه. وقوله: قياسا إلخ أي أن وجوب الفدية هنا مقيس على وجوبها في الحلق مع العذر، بجامع أن كلا محظور أبيح لحاجة. (قوله: ولا لبس محيط إلخ) ظاهره أنه معطوف على ستر رأس، ويكون هو مفهوم قوله بلا عذر بالنسبة للبس، وذلك لما علمت أن قوله بلا عذر مرتبط بكل من ستر ومن لبس، فأخذ أولا مفهومه بالنسبة للستر، وهذا مفهومه بالنسبة للبس. والمعنى عليه ولا يحرم لبس محيط بعذر إن لم يجد غيره، وهو لا يصح، وذلك لأنه حيث وجد عذر حل لبس المحيط سواء وجد غيره أم لا كما أنه إذا لم يجد: يحل لبسه وجد عذر أم لا.
فيتعين حينئذ أن يكون مستأنفا، وليس معطوفا على ما قبله. ويقدر عامل للبس، ويكون مفهوم قوله بلا عذر محذوفا كما علمته فيما مر ولا يخفى ما في عبارته المذكورة من الارتباك، وبيانه أن ستر الرأس ولبس المحيط يباحان لحاجة كحر وبرد مطلقا وإن ليس المحيط يباح أيضا إذا لم يجد غيره، لكن بقدر ستر العورة فقط - كسراويل - فلبس المحيط مباح لاحد شيئين: لحاجة نحو ما ذكر، ولعدم وجدان غيره.
وفي الأول: يباح له لبسه في جميع البدن مع الفدية. وفي الثاني: بقدر ما يستر العورة فقط بلا فدية، فما يباح للحاجة المذكورة غير ما يباح للفقد قدرا وحكما.
والمؤلف رحمه الله لم يفصحهما، بل أدرج أحدهما في الآخر. وسببه أنه تصرف في عبارة شيخه وسبكها بعبارته، فأدى ذلك إلى الارتباك وعدم حسن السبك. فلو قال عقب قوله بلا عذر فلا يحرم على الرجل ستر رأس ولا لبس محيط إذا كان ذلك لعذر كحر وبرد إلخ. ثم قال: ولا يحرم أيضا لبسه محيط إن لم يجد غيره، ولا قدر على تحصيله، ولو بنحو استعارة، لا بنحو هبة، لكن بقدر ما يستر العورة فقط. لكان أولى وأخصر وأوضح. فتنبه.
وقوله: إن لم يجد غيره أي المحيط حسا كان بأن فقده عنده وعند غيره، أو شرعا بأن وجده بأكثر من ثمن