إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ١٨٦
للعامل، واللام زائدة. أي وأعطى المالك العامل في مقابلة عمله شيئا من البذر، والمراد مما تخرجه الأرض بعد بذرها ببذر المالك. (قوله: لا شئ على العامل) أي لا زكاة عليه. (قوله: لأنه أجرة عمله) أي لان ما يأخذه مما استخرجته الأرض إنما هو أجرة عمله، وهي لا زكاة فيها. (قوله: وتجب الزكاة لنبات الأرض المستأجرة) مثلها الأرض الخراجية، فتجب الزكاة فيها مع الخراج. وعبارة الروض: وتجب وإن كانت الأرض مستأجرة أو ذات خراج. وقال في شرحه:
فتجب الزكاة مع الأجرة أو الخراج. ثم قال: وأما خبر: لا يجتمع عشر وخراج في أرض مسلم فضعيف، قاله في المجموع، وعبارة التحفة: لو أجر الخراجية، فالخراج على المالك، ولا يحل لمؤجر أرض أخذ أجرتها من حبها قبل أداء زكاته، فإن فعل لم يملك قدر الزكاة، فيؤخذ منه عشر ما بيده، أو نصفه، كما لو اشترى زكويا لم تخرج زكاته، ولو أخذ الامام أو نائبه - كالقاضي - الخراج على أنه بدل من العشر، فهو كأخذ القيمة بالاجتهاد أو التقليد، والأصح إجزاؤه - أو ظلما. لم يجز عنها، وإن نواها المالك وعلم الإمام بذلك. وقول بعضهم يحتمل الاجزاء. يرد بأن الفرض أنه قاصد الظلم، وهذا صارف عنها، وقولهم يجوز دفعها لمن لا يعلم أنها زكاة، لان العبرة بنية المالك: محله عند عدم الصارف من الآخذ، أما معه - كأن قصد بالأخذ جهة أخرى - فلا، وبهذا يعلم أن المكس لا يجزئ عن الزكاة إلا إن أخذه الامام أو نائبه، على أنه بدل عنها باجتهاد أو تقليد صحيح، لا مطلقا، خلافا لمن وهم فيه. اه‍. وقوله: بدل من العشر: أي في الزكاة، وقوله: كأخذ القيمة: أي في الزكاة في غير عروض التجارة. (وسئل) ابن حجر عن أخذ السلطان الجائر العشور المعهودة في ذا الزمن باسم الزكاة ونوي به المأخوذ منه الزكاة، فهل يسقط به الغرض أولا فأجاب بقوله: نعم يسقط بأخذه على الوجه المذكور فرض الزكاة عن المأخوذ منه، لان الامام الجائر كالعادل في الزكاة وغيرها، ويقع لبعض التجار - الذين ليس لهم كبير تقوى، ويغلب عليهم البخل والخزي - أنهم يكثرون الأسئلة عما يأخذه منهم أعوان السلاطين من الملوك: هل يقع عنهم من الزكاة إذا نووها؟ فنجيبهم بما هو المعروف المقرر. وبسط الكلام فيه بعض شراح الارشاد من أن ذلك لا يحسب من زكواتهم. لان الامام لم يأخذه باسم الزكاة، بل باسم الذب عنهم وعن أموالهم، فهو وأعوانه يعتقدون أن ذلك حق له في أموال التجار يستحق أخذه قهرا عليهم، ولو سمع هو أو بعض أعوانه عن بعض التجار أنه يدفع ذلك لهم باسم الزكاة: لما قبلوا منه ذلك، وأخذوه قهرا عليه على غير هذا الوجه، بل ربما آذوه وسبوه، والدفع للامام أو نائبه العام إنما يجزئ عن الزكاة حيث لم يمتنع الامام أو نائبه من أخذه على هذا الوجه، أو يأخذه بقصد مغاير له، فحينئذ لا يمكن حسبان ما أخذه عن الزكاة. وبقي مانع آخر من ذلك، وهو أن الدفع إلى السلطان غير ممكن، وإنما يقع الدفع لنائبه العام أو الخاص، والدفع للنائب العام... وهو الوزير الأعظم، أو نحوه - متعسرا أيضا، وإنما الواقع والمتيسر الدفع إلى النائب الخاص، وهذا النائب الخاص لا يولونه على أخذه زكاة بوجه، وإنما يولونه على أخذ العشور، ومرادهم بها المكوس - كما هو معلوم من أحوالهم، وعباراتهم، وعاداتهم - فمن أراد الدفع إليهم باسم الزكاة ولم يدفعها لامام ولا لنائبه فيها فكيف تجزئ عنه؟ فليتأمل ذلك، وليشع لهم، فإن بعض فسقة المتفقهة والتجار ربما حسبوا ما يؤخذ منهم من المكوس من الزكوات الواجبة عليهم، وما دروا أنها * (يحمى عليها في نار جهنم، فتكوى بها جباهم، وجنوبهم، وظهورهم) * وتقول لهم ملائكة العذاب * (هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) *. أعاذنا الله من ذلك وأمثاله بمنه وكرمه. اه‍. (قوله: ومؤنة الحصاد والدياس على المالك) هذه المسألة مستقلة، وليست مرتبطة بما قبلها - أعني قوله: وتجب الزكاة لنبات الأرض المستأجرة وإن كان هو ظاهر منعه ووجه عدم ارتباطها به أنه إن أريد بالمالك مالك الأرض الذي هو المؤجر فلا يصح لأنه ليس عليه شئ أصلا لأنه مؤجر يستلم أجره أرضه فقط وإن أريد به مالك -، د،، الزرع الذي هو المستأجر، فلا يصح اختصاص الحكم المذكور به. وأيضا لو كان هذا هو المراد، لقال عليه بالضمير العائد على الزراع. إذا علمت ذلك، فكان الأولى للشارح أن يقدم هذه المسألة قبيل

(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست