ذلك وتنبهوا له معاشر الاخوان. وإذا صليتم التراويح وغيرها من الصلوات فأتموا القيام والقراءة والركوع والسجود والخشوع والحضور وسائر الأركان والآداب، ولا تجعلوا للشيطان عليكم سلطانا فإنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون فكونوا منهم، إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون فلا تكونوا منهم. اه. (قوله:
بعد كل تسليمتين) متعلق بيستريحون. (قوله: وسر العشرين) أي الحكمة فيها. (قوله: في غير رمضان) الجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من عشر، لان نعت النكرة إذا تقدم عليها يعرب حالا منها، أي أن الرواتب عشر ركعات حال كونها كائنة في غير رمضان. ويصح أن يكون حالا من الرواتب، والمراد أنها عشر في غير رمضان مثل رمضان.
(قوله: فضوعفت فيه) أي في رمضان. واعترض بأن التضعيف أن يزاد على الشئ مثله فيقتضي أن التراويح عشر ركعات، لأنه إذا زيد على العشرركعات المؤكدات مثلها صارت عشرين، عشرة منها هي المؤكدة من الرواتب، والعشرة الأخرى هي التراويح. وأجيب - كما في سم - بأن المعنى: فزيد قدرها وضعفه، لا فزيد عليها قدرها فقط، لأنه ليس كذلك. أي زيد قدر الرواتب العشرة، وضعف هذا القدر الزائد أي مثله وهو عشرة، فيصير الجميع ثلاثين ركعة، الرواتب عشرة، والتراويح عشرون. وهذا كما ترى مبني على أن ضعف الشئ مثله، أما إذا قيل إن ضعفه مثلاه فلا تأويل، وهذا الأخير هو المشهور، كما في ع ش. وفي الرشيدي ما نصه: فقوله: فضوعفت، أي وجعلت بتضعيفها زيادة في رمضان. وإلا فالرواتب مطلوبة أيضا، وأنه مبني على أن ضعف الشئ مثلاه. اه. (قوله: وتكرير قل هو الله أحد، إلى: كما أفتى به شيخنا) عبارة الفتاوي له: سئل - رضي الله عنه ومتع بحياته -: في تكرير سورة الاخلاص في التراويح هل يسن؟ وإذا قلتم لا، فهل يكره أم لا؟ وقد رأيت في المعلمات لابن شهبة أن تكرير سورة الاخلاص في التراويح ثلاثا كرهها بعض السلف، قال لمخالفتها المعهود عمن تقدم، ولأنها في المصحف مرة فلتكن في التلاوة مرة. اه. فهل كلامه مقرر معتمد أم لا؟ بينوا ذلك وأوضحوه لا عدمكم المسلمون. فأجاب فسح الله في مدته: تكرير قراءة سورة الاخلاص أو غيرها في ركعة أو في كل ركعة من التراويح ليس بسنة، ولا يقال مكروه على قواعدنا لأنه لم يرد فيه نهي مخصوص. وقد أفتى ابن عبد السلام وابن الصلاح وغيرهما بأن قراءة القدر في التراويح - وهو التجزئة المعروفة - بحيث يختم القرآن جميعه في الشهر أولى من سورة قصيرة. وعللوه بأن السنة القيام فيها بجميع القرآن. واقتضاه كلام المجموع، واعتمد ذلك الأسنوي وغيره. قال الزركشي وغيره: ويقاس بذلك كل ما ورد فيه الامر ببعض معين، كآية البقرة وآل عمران في سنة الصبح إلخ، انتهت. وإذا تأملت العبارة المذكورة تعلم ما في قوله كما أفتى به شيخنا، فإنها ليس فيها التقييد بقوله في الركعات الأخيرة، ولا التقييد بسورة الاخلاص، وليس فيها قوله بدعة غير حسنة، بل الذي فيها أن قراءة القرآن في جميع الشهر أولى وأفضل، وأن تكرير سورة الاخلاص أو غيرها في ركعة ما خلاف الأولى فقط، وليس بسنة ولا بمكروه. إلا أن يقال أفتى بذلك في فتوى لم تقيد في الفتاوى. لكن عبارة الروض مصرحة بما في الفتاوى، إلا أنه قيد فيها بسورة الاخلاص، ونصها: وفعلها بالقرآن في جميع الشهر أفضل من تكرير سورة الاخلاص.
اه. ومثلها عبارة النهاية والمغني.
والحاصل الذي يظهر من كلامهم أن الوارد قراءة القرآن كله بالتجزئة المعلومة، فهو الأولى والأفضل، وأن غير ذلك خلاف الأولى والأفضل، سواء قرأ سورة الاخلاص أو غيرها، في كل الركعات أو في بعضها، الأخير منها أو الأول، وسواء كررها ثلاث أو لا. فما يعتاده أهل مكة من قراءة قل هو الله أحد في الركعات الأخيرة، وقراءة ألهاكم إلى المسد في الركعات الأول، خلاف الأفضل. وكذلك ما يعتاده بعضهم من قراءة جزء كامل في ست عشرة ركعة وتكرير قل هو الله أحد في الباقي. ثم رأيت عبارة بعض المتأخرين ناطقة بما قلناه، ونصها: وفعلها بالقرآن في جميع الشهر بأن يقرأ فيها كل ليلة جزءا أفضل من تكرير سورة الرحمن أو هل أتى على الانسان أو سورة الاخلاص بعد كل سورة من التكاثر إلى