ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه أنه يكفر كفارة الحر الموسر وقال إنه يلزمه زكاة الفطر بقدر ما هو حر هذا تمام الصور وقد تبين بها أن المعتبر فيمن تجب عليه الحرية والاسلام على ما ذكر أول الفصل لكن قوله وهو كل حر مسلم يقتضي أن لا تجب الزكاة على من ملك بنصفه الحر لأنه يقع على من جميعه حر فأما من بعضه حر وبعضه رقيق يصدق عليه القول بأنه ليس بحر فلما وجبت الزكاة عليه على ظاهر المذهب وهو الذي ذكره في الكتاب وجب تأويل اللفظ * قال (النظر الثاني للزكاة طرف الأداء وله ثلاثة أحوال (الأولى) الأداء في الوقت وهو واجب على الفور (ح) عندنا ويتخير بين الصرف إلى الامام أو إلى المساكين في الأموال الباطنة وأيهما أولى فيه وجهان والصرف إلى الامام أولى في الأموال الظاهرة وهي يجب فيه قولان) * ذكر في أول الزكاة أن النظر في الوجوب والأداء وقد فرغ الآن من النظر الأول (وأما) الأداء (فله) ثلاث حالات لأنه إما يتفق في الوقت أو قبله أو بعده (الحالة الأولى) الأداء في الوقت وهو واجب على الفور بعد التمكن وقوله عندنا قصد به التعرض لمذهب أبي حنيفة رحمه الله فيما رواه امام الحرمين وغيره انها واجبة على التراخي ونقل صاحب الشامل وغيره اختلافا لأصحابه فيه فعن الكرخي انها على الفور وعن أبي بكر الرازي انها على التراخي * لنا أن الامر بايتاء الزكاة وارد وحاجة المستحقين ناجزة فيتحقق الوجوب في الحال * ثم أداء الزكاة يفتقر إلى وظيفتين فعل الأداء يفرض على ثلاثة أوجه (أحدهما) أن يباشره بنفسه وهو جائز في الأموال الباطنة لما روى عن عثمان رضي الله عنه أنه قال في المحرم (هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليقض دينه ثم ليزك بقية ماله) والأموال (1) الباطنة هي الذهب والفضة وعرض التجارة والركاز وزكاة الفطر ملحقة بهذا النوع وأما الأموال الظاهرة وهي المواشي والمعشرات والمعادن فهل يجوز أن يفرق زكاتها بنفسه فيه قولان (أصحهما) وهو الجديد نعم كزكاة الأموال الباطنة (والثاني) وهو القديم ومذهب أبي حنيفة رحمه الله ويروى عن مالك أيضا انه لا يجوز بل يجب صرفها إلى الامام لقوله تعالي (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) ولأنه مال للامام المطالبة به فيجب دفعه إليه كالخراج هذا إذا كان الامام عادلا فإن كان جائرا فوجهان (أحدهما) يجوز ولا يجب خوفا من أن لا يوصله
(٥٢٠)