الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٤٦٣
لأسخاهما، فان اشتبها في ذلك كله فالإمامة لأشجعهما، فإن اشتبها في ذلك كله فالإمامة لأرحمهما وأرأفهما بالرعية، فإن اشتبها في ذلك كله فالإمامة لأشدهما تواضعا، فإن اشتبها في ذلك كله فالإمامة لأحلمهما وأحسنهما خلقا، فإن اشتبها في ذلك كله وفي غيره مما ذكرنا من شروط الإمامة ولن يشتبه في ذلك اثنان طول الأبد، ولو جهد في ذلك كل أحد ولا يكونان في شئ من ذلك متفقين ولا بد أن يكونا في بعض شروط الإمام مختلفين ولكن لابد أن نقول في ذلك ونتكلم فيه للاحتياط لكي يتبين ذلك ويبعد منه الريب والاختلاط فنقول أنهما إن اشتبها في ذلك كله كانت الإمامة لأسنهما، فإن استويا في السن فالإمامة لأحسنهما وجها، فإن استويا في حسن الوجه فالإمامة لأفطنهما، فإن استويا في الفطنة فالإمامة لأحسنهما تعبيرا وأجودهما تبيينا، فإن استويا في جميع ذلك كله فالإمامة لمن عقدت له أولا، وليس لاحد إذا كانا مستويين في جميع الأمور التي ذكرنا وشرحنا وكان قد عقد لأحدهما أولا أن يتخير من بعد العقد لأحدهما ولا أن يتقدم عليه من بعد العقد له المتأخر منهما.
حدثني أبي عن أبيه أنه قال: إذا اشتبه رجلان في الكمال وكانا سواء في كل حال من الأحوال فالعقد لمن بدئ بالعقد له منهما وليس بأحد إذا كملا جميعا أن يتخير فيهما من بعد العقد لأحدهما إلا أن يتفاوت بهما حال في الكمال أو يتفاضلا في الكفاءة، فأما إذا استوت حالاتهما وكانت واحدة فليس لأحد فيهما اختيار ولا نظر وأيهما قدم في العقد وجبت له الإمامة ولو لم يكن العاقد له إلا واحد لأن العقد إنما يجب له بسبقه وكماله وما وصفنا من حاله فإذا تمت حاله ورضيت أفعاله فعلى كل أحد التسليم له والرضى به. فإن قال قائل لم أوجبت للمبتدئ بعقده من الإمامة ما لم توجبه للآخر وحالهما مستوية؟ قلنا له: للتقدم في العقد
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 457 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 ... » »»
الفهرست