الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٤٤٠
باب القول فيمن استثنى في عتق قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لو أن رجلا قال لعبده أنت حر إن شاء الله كان حرا إن كان ذكر عتقه بعد الممات عتق بعد موته، وإن كان لم يذكر الموت عتق ساعة قال أنت حر إن شاء الله وذلك إن كان العبد عفيفا مسلما طاهرا لان الله تبارك وتعالى يحب الاحسان ويشاء عتق مثل هذا، وذلك أنه يثيب على عتقه المعتق له، ولولا أنه يشاء عتقه لم يثب عليه، فأما إن كان فاسقا ظالما جريئا على الله فلا يعتق بقوله أنت حر إن شاء الله ولا أنت حر بعد وفاتي إن شاء الله لأنه الله لا يشاء عتق هذا.
والدليل على أن الله لا يشاء عتقه أن الله لا يؤجر على عتقه من أعتقه بل يعاقبه على فك أسره من رقه وبتقويته بتمليكه لنفسه على فسقه إذ قد علم بفجوره وعصيانه وقلة دينه وإيمانه وأطلق حبايله وأرخى له في حاله ومكنه بذلك من سئ أعماله وقواه على فجوره وإدغاله فليس من كان كذلك بأهل أن يعتق لان في العتق تفريغا وتقوية له على المعاصي، والواجب لله على كل إنسان حبس من يطبق حبسه من العاصي ومنع من يطبق منعه من الجرأة (4) على رب العالمين.
قال: ومن قال لأعبد له عدة في مرضه، وإدنافه أثلاثكم أحرار ولا مال له غيرهم سعى للورثة كل واحد منهم في ثلثي قيمته، فإن قال لهم ذلك في صحة من بدنه وجواز من أمره عتقوا عليه كلهم إن كان له مال غيرهم، وإن لم يكن له مال غيرهم سعى كل واحد منهم في ثلثي قيمته، وحاله في ذلك كحال شريكين في عبيد وأعتق أحدهما نصيبه منهم فالحكم عليه في ذلك إن كان موسرا أن يدفع إلى شريكه قيمة ماله فيهم

(4) في نسخة: ومنع من يطيق منعه من الجورة. الخ.
(٤٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 ... » »»
الفهرست