الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ١١٥
الذي رغب صاحبها فيه، قلت قيمته أو كثرت صغرت أو كبرت، ألا أن يتركها عنوة (1) ويسلمها لصاحبها ويسلم لصاحب العوض ما رغب فيه منها. قال والمناقلة عندي كالمبائعة بالأرض إلى الأرض واشتراء النخل بالنخل والدار بالدار لا فرق بينهما عندي ولا اختلاف بينها في رأيي.
قال: فأما من وهب هبة لا يريد بها عوضا أو تصدق بصدقة يريد بها وجه الله فلا يلحق بها من تصدق بها عليه، ووهب له شفعة مستشفع لان الشفعة إنما يلحقها صاحبها وتجب له بتسليم ما أخرج فيها بشفعته، والموهوب له ذلك، والمتصدق به عليه لم يخرج شيئا يرده عليه ذو الشفعة، وكذلك الواهب والمتصدق فلم يأخذ شيئا من أموال الدنيا فيرده عليه ذو الشفعة مثل ما أخذ، أو يكون أولى بما أخرجا، والهبة والصدقة فإنما هي بر وإحسان من الواهب إلى الموهوب له، والشفعة فإنما تصح للشفيع بالحكم من الله وأمام المسلمين، وليس يجب لمن كان شريكا لرجل في شي ء فوهب ذلك الرجل نصيبه، أو تصدق به على من يجب الاحسان إليه أن يحكم لشريكه بهبته أو بصدقته، وكل إحسان فعله محسن لمن أراد الاحسان إليه فلا يجبر على تسليم ذلك كما يجبر على تسليم البيع له بالشفعة لان الناس أولى بأموالهم يهبونها لمن شاؤوا، ويتصدقون بها على من أرادوا، ولا يدخل عليهم في ذلك شريك معهم، ولا يستشفع هبتهم غيرهم.

(1) العنوة: المودة والقهر من أسماء الأضداد، وهي هنا بمعنى المودة.
(قاموس)
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست