باب القول فيمن تجب مطالبته بالشفعة بين البائع والمشتري قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا اشترى رجل من رجل دارا أو نخلا أو أرضا ثم جاء الشفيع فطالب بالشفعة فليطالب المشتري، ولا يطالب البائع لأنه ليس بينه وبينه مطالبة، وإنما خصمه المشتري، لأنه الداخل عليه في شفعته، فيطالبه بما اشترى مما كان هو أولى به، ويكتب الكتاب عليه ويدفع الثمن إليه، قال: فإن ترك مطالبة المشتري عنوة وطالب البائع دونه بالشفعة، فلا شفعة له على أحد منهما، لأنه قد ترك خصمه بترك مطالبته بما يطالبه به فيبرأ المشتري بإعراضه عنه عنوة وتركه له، وكان ذلك تسليما منه لما يطالبه به من شفعته، وسقطت مطالبته للبيع، لأنه ليس له بخصم، ولا له عليه سبيل وإنما له أن يأخذ حقه ممن وجده في يده، فإذا طالب غيره وصفح عنه فقد برئ الخصم بصفحه عنه، وبرئ غير الخصم بطلبه له، إذ لا يجوز له عليه مطالبة إذ ليس له عنده بغية، إلا أن تكون مطالبته للبائع كانت عن جهل منه بالحكم، فإذا كان ذلك كذلك لم يسقط جهله حقه، وله أن يطالب المشتري من بعد ذلك، ويكتب الكتاب بحضرة البائع، ويذكر في كتابه أنه قد استشفع هذه الدار من يد فلان بن فلان لأنه اشتراها من فلان بن فلان وكانت لي فيها الشفعة، فلحقتها بشفعتي فأخذتها بحكم الله تعالى، وسلمت إليه ما كان نقد فلانا من ثمنها وهو كذا وكذا دينارا عيونا نقدا جيادا بحضرة فلان بن فلان الذي باعه إياها، وإنما أحببنا له أن يحضره وقت المشاهدة، والكتاب ودفع الثمن مخافة من أن يقول صاحب الدار الأول، إن كان لم يكتب عليه المشتري منه بذلك كتابا الدار داري وهي في يدي، على حالها لم أبعها من غيري،
(١١٦)