الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ١ - الصفحة ٢٣٣
طرحتها منه فهو مثل ما ذكرها (١٣) في الآيتين المتقدمتين، وفي مثل ذلك ما يقول الشاعر:
نزلتم منزل الأضياف منا فعجلنا القرى أن تشتمونا فقال: فعجلنا القرى أن تشتمونا، وإنما أراد فعجلنا القرى أن لا تشتمونا، فطرحها وهو يريدها وأما ما كان من كلامها مما تثبت لا فيه وهي لا تريدها، مثل قول الشاعر: بيوم جدود لأفضحتم أباكم وسالمتموا والخيل تدمي شكيمها فقال: لأفضحتم أباكم وإنما أراد بيوم جدود فضحتم أباكم فأدخل لا لغير سبب ولا معنى صلة للكلام، والشاهد لذلك في كتاب الله تعالى قول الله سبحانه: ﴿لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شئ من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم﴾ (14) فقال: لئلا يعلم أهل الكتاب، وإنما أراد تبارك وتعالى:
ليعلم أهل الكتاب ومن ذلك قول موسى صلى الله عليه (يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعني أفعصيت أمري). فقال: ألا تتبعني، وإنما أراد أن تتبعني، وهذا عند العرب فأعرب إعرابها، وأفصح ما تأتي به من خطابها أن تطرح لا وهي تريدها فيخرج لفظ كلامها لفظ إيجاب ومعناه معنى نفي، وتثبت، لا وهي لا تريدها فيخرج لفظ كلامها لفظ نفى ومعناه معنى إيجاب، وكذلك تفعل أيضا بالألف وحدها تطرحها وهي تريدها وتثبتها وهي لا تريدها فيأتي لفظ ما طرحتها منه لفظ نفي، وإن كان معناه معنى إيجاب ويأتي لفظ ما أثبتتها فيه وهي لا تريدها لفظ شك، وإن كان معناه معنى خبر وإيجاب، فأما ما طرحتها منه وهي تريدها فمثل قولها

(١٣) في نسخة فهو مثل ما ذكرنا في الآيتين الأوليين.
(١٤) الحديد ٢٩.
(٢٣٣)
مفاتيح البحث: أهل الكتاب (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست