لا تنهض بنا في كذا وكذا، لا تكلم بنا فلانا في أمر كذا وكذا، فيخرج لفظ هذا الكلام لفظ نفي ونهي، ومعناه معنى إيجاب وأمر، أراد القائل ذلك ألا تنهض بنا، ألا تكلم بنا، فلانا، فطرحها وهو يريدها، وفي ذلك ما يقول له سبحانه: (لا أقسم بيوم القيامة) ويقول: ﴿لا أقسم بهذا البلد﴾ (١٥) يريد ألا أقسم بيوم القيامة ألا أقسم بهذا البلد فطرح منهما الألفين وهو يريدهما، وأما ما تثبتها فيه وهي لا تريدها فهو مثل قول القائل: كلم لي زيدا أو عمرا، يريد كلم لي زيدا أو عمرا، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: ﴿وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون﴾ (١٦) فقال: أو يزيدون فخرج لفظها لفظ شك وإنما معناها معنى إيجاب وخبر، أراد وأرسلناه إلى مائة ألف ويزيدون فقال: ﴿أو يزيدون﴾ (١٧) فأثبتها وهو لا يريدها فعلى ذلك يخرج معنى قول الله سبحانه: ﴿وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين﴾ (١٨) يريد وعلى الذين لا يطيقون الصيام ممن كان ذا ضعف وهلاك من الأنام، فدية طعام مساكين، يقول: يطعم ثلاثين مسكينا عن الشهر كله عن كل يوم مسكينا غداه وعشاه، ثم قال: ﴿فمن تطوع خيرا فهو خير له﴾ (19) يريد سبحانه من زاد فأطعم عن كل يوم مسكينين وحمل على نفسه وأن أضر ذلك به في بعض حاله فهو خير له، ثم قال جل جلاله: عن أن يحويه قول أو يناله في المريض والمسافر:
(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر