قد قالت لها إن أردت أن تحظي عند رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإذا مد يده إليك فقولي: أعوذ بالله منك ففعلت ما أمرتها فصرف وجهه عنها وقال: (أمن من عائذ الله إلحقي بأهلك) وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في زوجته جوينة ابنة أبي أسيد وكان أبو أسيد الساعدي قدم بها فتولت عائشة وحفصة مشطها والقيام عليها فقالت: إحداهما لها إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعجبه من المرأة إذا أدخلت عليه أن تقول: أعوذ بالله منك فلما دخل عليها وأرخى الستر وغلق الأبواب ومد يده إليها قالت: أعوذ بالله منك، فوضع كمه على وجهه واستتر وقال: عذت معاذا ثلاث مرات، ثم خرج فأمر أبا أسيد أن يلحقها بقومها ومتعها بثوبي كتان، فذكر أنها ماتت كمدا رحمها الله تعالى، فإن قالوا يجوز ذلك له ولا بأس أن يطلقها في غير وجه طهر، وقالوا إن ذلك يلزم فاعله (72)، وإن الطلاق يلزم على كل حال قائله أصابوا المعنى ورجعوا إلى قولنا وجانبوا المكابرة والخلاف ودخلوا في الحق والائتلاف، ومما يحتج به من وقوع الطلاق على المطلقة ولزوم الفراق للمفارقة في غير وجه طهر من غير جماع أن رجلا لو جامع امرأة له حاملا بكرة وفارقها عشية لما كان عند ذوي العلم والحجا في ذلك اختلاف ولا امتراء ولكانوا كلهم مجمعين على أن الطلاق لازم له لاحق بها غير نأكل عنه ولاعنها، وإن كان قبل طلاقه بساعة جامعها فكيف يقول من يقول:
إن الطلاق لا يلحق ولا يلزم من عزم على الطلاق وبه تكلم إلا على وجه طهر من غير جماع، فنعوذ بالله من البدعة والابتداع ومخالفة الحق والمحقين والتكمه في ضلال الضالين. واعلم هديت أن الطلاق واقع على كل حال بكل امرأة ملكت عقدة نكاحها، إذا لفظ مالكها بطلاقها،