الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ١ - الصفحة ٥١
التائبين الصالحين، فأما من كان مصرا على المعاصي مقيما عليها، زاهدا في الطاعة تاركا، لها فان الله لا يقبل منه فرائضه، فكيف نوافله، وفي ذلك ما يقول رب العالمين: ﴿إنما يتقبل الله من المتقين﴾ (39) فمن لم يكن من المتقين فليس عند الله من المقبولين، ولا من المثابين، بل هو عند الله من المقبوحين، وفي الآخرة بلا شك من المعذبين.
وفي إسباغ الوضوء ما بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: " ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط ".
قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: فأما ما يقال به من أن الاستنشاق والمضمضة سنة ليستا بفريضة، فلا يلتفت إلى ذلك لان الله أمر، بغسل الوجه أمرا وهما من الوجه حقا، ففرضه عليهما واجب كوجوبه عليه، إذ هما بلا شك منه وفيه، وهما فمأوي الأدران من وجه كل انسان، وإنما يؤمر بغسل العضو من الأعضاء لكي يماط ما فيه من الأذى وينقى، فكيف يأمر الله سبحانه بغسل ما نقي من وجه الانسان، ولا يأمر بغسل ما يحمل منه الأوساخ والأدران!.
وفي ذلك ما حدثني أبي عن أبيه القسم بن إبراهيم رحمة الله عليهم فيمن نسي المضمضة والاستنشاق فقال: لا يجزيه إلا أن يتمضمض ويستنشق لان الفم والمنخرين من الوجه، وقد أمر الله بهما فقال: (فاغسلوا وجوهكم) (40) وهما من الوجه.

(٣٩) المائدة ٢٧.
(40) فاغسلوا وجوهكم.
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست