الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ١ - الصفحة ٢٢٣
من رجل جزافا وهو في سنبله وأخذ الثمن منه ثم أتى المصدق فوجده قد باعه فإنه يأخذ ما يجب فيه منه ويرجع المشترى على البايع بقيمة ما أخذ المصدق من ذلك، وقد قال غيرنا: إنه يجزيه أن يأخذ من البايع قيمة ما يجب له في ذلك الزرع، ولا يأخذ من المشترى شيئا، ولسنا نرى ذلك لأنه يجب على صاحب الزرع أن يخرج عشر زرعه منه لا من غيره، فإذا أخطأ رد عن خطائه ولم يسوغ له ما لا يسوغ، لان الثمرة التي أوجب الله فيها ما أوجب قائمة بعينها في يد هذا المشتري الذي اشترى ما لا يجوز له أن يشتريه، فعليه أن يرده إلى أصحابه، ويرجع بقيمته على من باعه إياه ولو جاز أن يأخذ من البايع عشر ما أخرجت أرضه نقدا لجاز أن يؤخذ عشر الحنطة من التمر، وعشر التمر من الحنطة، وأن يأخذ من ذلك وفيه نقدا ذهبا وفضة، وهذا خلاف قول الله سبحانه حين يقول: (وآتوا حقه يوم حصاده) (70) لأنه أراد بقوله: (وآتوا حقه يوم حصاده) (71) أخرجوا منه ما يجب فيه، وفي ذلك ما قال (72) رسول الله صلى الله عليه وآله:
(الحنطة من الحنطة، والتمر من التمر والخف من الخف والظلف من الظلف)، قال: فإن لم يأت المصدق حتى أستهلك المشترى الطعام، فهذا خلاف المسألة الأولى، لان الطعام كان قائما في الأولى بعينه، (73) وهو في هذه مستهلك فله أن يأخذ من البايع عشر قيمة الطعام، وكذلك لو استهلكه صاحبه الذي باعه وبين ما أستهلك وما لم يستهلك فرق بين عند من عقل وفهم.
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: وكل مال تلف قبل

(70) الانعام 141.
(71) الانعام 141.
(72) وفي نسخة وفي ذلك ما يقول رسول الله.
(73) في نسخة لان الطعام كان في الأولى قائما بعينه.
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 227 229 230 ... » »»
الفهرست