منه صدقته ولا ينظر إلى افتراق رعاته إذ قد جمعه ملك مالكه. وتفسير المفترق الذي لا يجمع أن يكون على راع واحد مائتا شاة لستة أناسي لواحد منهم تسع وثلاثون ولواحد ثمان وثلاثون ولآخر سبع وثلاثون ولآخر ست وثلاثون ولآخر خمس وثلاثون ولآخر خمس عشرة فلذلك مائتا شاة قد فرق الملك بينها فلا يجب للمصدق أن يأخذ صدقة منها لأنه لا يحب له شئ فيها إذ لا يملك واحد منهم أربعين شاة وبذلك حكم خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: وينبغي للمصدق أن لا ينزل على أحد ممن يصدقه ولا يقبل له هدية مخافة التهمة فإن قبل شيئا من ذلك فهو لبيت مال المسلمين لا يحل له منه شئ إلا أن يطلقه له إمام المسلمين فإن أطلق له ذلك أو بعضه جاز له ما أطلق له منه وحرم عليه ما لم يطلق عليه، وكذلك كل من قبل هدية من عمال الإمام على شئ من جبايات المسلمين لأنهم إنما يهدون له لمكانه من الولاية، والولاية فإنما هي أمانة لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وللامام في رقبته، فكلما جرته إليه الولاية من المنافع فلا يجوز له ولا يحل، لأنهم لم يعطوه ما أعطوه إلا بسبب الولاية فلذلك قلنا إن كل منفعة جرتها الولاية فهي من أموال الله ولا يجوز ولا يحل للمولى إلا بتجويز ولى أموال الله الناظر في أمور الله والمصلح له في أرضه، ولا يجوز للامام ولا ينبغي أن يجوز ذلك لعامل ولا لغيره إلا على طريق النظر للمسلمين وابتغاء الاصلاح في أرض رب العالمين ولعمال الجبايات أن يأكلوا من أموال الله التي في أيديهم ويشربوا ويلبسوا ويركبوا ويختدموا ويسكنوا بالمعروف من بعد أذن الإمام لهم فيه.
وينبغي للمصدق إذا ورد الماء الذي ترده المواشي أن يقسم غنم كل رجل قسمين ثم يخيره في القسمين ثم يأخذ الصدقة من القسم الذي