واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٧٤
وهذا القول على الرغم من ضعفه بوهب، وهو أحد أقطاب الإسرائيليات، وكان يقول بالقدر كما هو معروف في كتب التراجم، إلا أنه كالأول في دلالته على تقيتهم قبل هروبهم، لأنهم من المؤمنين بنص الكتاب العزيز، وكان ملكهم كافرا باتفاق المفسرين، ولا يمكن أن يجتمع المؤمن الضعيف مع كافر متسلط من غير تقية في كتم الإيمان.
القول الثالث: وهو من أقوى الأقوال، وخلاصته: أنهم كانوا أبناء عظماء المدينة وأشرافهم، خرجوا من المدينة على غير ميعاد لما كان من أمر ملكهم دقيانوس الذي يعبد الأوثان ويجبر الناس على عبادتها، فاتفقت كلمة أصحاب الكهف على الهرب بدينهم وأنفسهم منه، فلجأوا إلى الكهف، وقد نسب هذا القول إلى ابن عباس (ت / 68 ه‍)، ومجاهد بن جبر (ت / 103 ه‍)، وعكرمة (ت / 105 ه‍)، وقتادة (ت / 118 ه‍) (1).
ويؤيد هذا القول ما نسبه الفخر الرازي (ت / 606 ه‍) إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من أنهم كانوا ستة وسابعهم الراعي الذي وافقهم لما هربوا من ملكهم، وكان ثلاثة منهم أصحاب يمين الملك، وكان الملك يستشيرهم جميعا في مهماته (2).
وهذا القول كسابقيه يدل على أنهم كانوا يكتمون الإيمان مع منزلتهم

(١) زاد المسير / ابن الجوزي ٥: ١١٠، التفسير الكبير / الرازي ٢١: ٩٧، الجامع لأحكام القرآن / القرطبي ١٠: ٣٥٩، والدر المنثور / السيوطي ٥: ٣٦٦، تفسير أبي السعود / محمد بن محمد العمادي ٦: ٢٠٩.
(٢) التفسير الكبير ٢١: ١٠٦، وانظر جامع البيان / الطبري ١٥: ١٥٠، والدر المنثور ٥: ٣٧٣.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»