واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٢٩
بخلافه إلا من شذ منهم، وفيه تفصيل سيأتي ذكره في فقه الأحناف.
ومن الجدير بالإشارة هو أن التقية ليست واجبة في جميع الحالات وبلا قيد أو شرط عند فقهاء المسلمين، فهي قد تكون واجبة، وقد تكون محرمة، كما قد تكون مباحة أو مندوبة أو مكروهة بحسب الأحكام التكليفية الخمسة، ولكن ليس لأحكام التقية ضابط في أغلب حالات الإكراه إلا ما نص عليه بدليل معتبر، ولهذا فقد ترك تقديرها لمن يحمل عليها قسرا.
قال ابن نجيم الحنفي (ت / 790 ه‍): إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما.
ثم نقل عن الزيلعي قوله: الأصل في جنس هذه المسائل أن من ابتلي ببليتين، وهما متساويتان يأخذ بأيهما شاء، وإن اختلفتا يختار أهونهما، لأن مباشرة الحرام لا تجوز إلا للضرورة، ولا ضرورة في حق الزيادة (1).
وقد نص على هذه الحقيقة كل من:
الفرغاني الحنفي (ت / 295 ه‍) (2)، ومحمد بن محمد أبو حامد الغزالي الشافعي (ت / 505 ه‍) (3)، وأحمد بن إدريس القرافي المالكي (ت / 648 ه‍) (4).
ذلك لأن الإكراه يحصل بكل ما يؤثر العاقل الإقدام عليه حذرا مما هدد به، مع اختلاف ذلك باختلاف الأشخاص، والأفعال المطلوبة، والأمور المخوف بها.

(1) الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان / ابن نجيم: 89.
(2) فتاوى قاضيخان / الفرغاني الحنفي 3: 485 - مطبوع بهامش الفتاوى الهندية.
(3) إحياء علوم الدين / الغزالي 3: 138.
(4) الفروق / القرافي 4: 236 - الفرق الرابع والستون والمائتان.
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»