واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٢٧
﴿قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شئ قدير﴾ (1).
قال الرازي الشافعي (ت / 606 ه‍) في تفسير الآية المتقدمة: إنه تعالى لما نهى المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء ظاهرا وباطنا واستثنى عنه التقية في الظاهر، أتبع ذلك بالوعيد على أن يصير الباطن موافقا للظاهر في وقت التقية، وذلك لأن من أقدم عند التقية على إظهار الموالاة فقد يصير إقدامه على ذلك الفعل بحسب الظاهر سببا لحصول تلك الموالاة في الباطن. فلا جرم بين تعالى أنه عالم بالبواطن كعلمه بالظواهر، فيعلم العبد إنه لا بد أن يجازيه على ما عزم عليه في قلبه (2).
حالات الإكراه التي تصح فيها التقية:
تصح التقية في حالات الإكراه الخارجة عن أفعال القلوب غالبا، بحيث يستطيع المكره علمها عند المكره، وأمثلتها كثيرة لا حصر لها.
منها: الإكراه على شرب الخمرة، أو أكل لحم الخنزير.
ومنها: الإكراه على شتم المؤمن، أو موالاة الكافر ظاهرا.
ومنها: الإكراه على ترك الواجب، كالإفطار في شهر رمضان، ونحوه.
والخلاصة: إن تأثير الإكراه يجب ان لا يتعدى إلى الاعتقادات القلبية، لأنها مما لا يحكم فيها الإكراه أصلا، ولا يعلم ثباتها من تغيرها غير الله تعالى ولا يد لغيره تعالى عليها. بل يجب حصر تأثير الإكراه في دائرة اللفظ، والفعل

(١) آل عمران ٣: 29.
(2) التفسير الكبير / الفخر الرازي 8: 15.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»