واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٢٦
فالإكراه إذا: هو حالة من حالات الإجبار التي يحمل الفرد بواسطتها على النطق بشئ أو فعل شئ من غير رضاه. ولهذا وصف السرخسي الحنفي (ت / ٤٩٠ ه‍) حالة الإكراه بأنها: اسم لفعل يفعله المرء بغيره فينتفي به رضاه، أو يفسد به اختياره (١).
حالات الإكراه التي لا تصح فيها التقية:
ويراد بها حالات الإكراه المتعلقة بأفعال القلوب، والتي لا سبيل للمكره إلى علمها في قلب المكره، وبالتالي فلا يصح التجاء المكره إلى شئ منها، كما لو أكره المسلم على بغض المؤمنين، أو حب الكافرين حقيقة، أو على الاعتقاد بعقيدة فاسدة، أو على إنكار ما ثبت أنه من الدين إنكارا قلبيا، ونحو ذلك.
فهذا وأمثاله لا تصح فيه التقية قطعا، ولم أقف على من صرح بخلافه، وقد أيد هذا المعنى القرآن الكريم صراحة كما في قوله تعالى: ﴿لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير﴾ (2).
ولا يخفى ما في هذه الآية من صراحة تشريع التقية، إلا أن المهم هنا هو أن التحذير الوارد فيها قد جاء مباشرة بعد تشريع التقية: (ويحذركم الله نفسه)، لئلا يتحول إنكار المؤمن للحق بفعل الإكراه إلى إنكار قلبي كما يريده من أكرهه، لأن الواجب أن يبقى القلب مطمئنا بالإيمان.
ولقد أكد تعالى هذه الحقيقة فقال بعد تشريع التقية والتحذير مباشرة:

(١) المبسوط / السرخسي ٢٤: ٣٨.
(٢) آل عمران ٣: 28.
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»