المعروف بابن هرمز مساهمة إيجابية، لأنه سبق وأن أرسله المنصور - مع من أرسل - إلى بني الحسن ليدفعوا إليه محمدا وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن، حتى إذا ما قامت الثورة لم يسع مالكا الاشتراك بها لهذا السبب، مع أنه كان من الناقمين على المنصور جبروته وطغيانه. وقد عرف الثوار منه ذلك، فكانوا يستفتونه في الخروج مع محمد النفس الزكية، ويقولون له: إن في أعناقهم بيعة للمنصور، فكان يرد عليهم بقوله: إنما بايعتم مكرهين، وليس على مكره يمين. وقد تحمل نتيجة هذه الفتيا سياط والي المدينة جعفر بن سليمان، وجبذت يداه حتى انخلعت من كتفه (1).
ثم لم تلبث أن وطدت العلاقة بينه وبين العباسيين كثيرا حتى قال له المنصور ذات يوم: أنت والله أعقل الناس، والله لئن بقيت لأكتبن قولك كما تكتب المصاحف، ولأبعثن به إلى الآفاق، ولأحملنهم عليه (2).
ولا شك ان للتقية دورها الواضح في توطيد هذه العلاقة، ولولاها لما كان الرجل الناقم على المنصور جبروته وطغيانه، والذي يفتي الناس بالخروج عليه ويحثهم على خلع بيعته، بقوله: إنما بايعتم مكرهين، وليس على مكره يمين، يكون هو نفسه - كما جاء في مقدمة تحقيق الموطأ - الرجل الذي: يأمر بحبس من يشاء، أو يضرب من يريد (3) في دولة المنصور نفسه