واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٤٠
هذه هي كلماته على ملايين المسلمين، فماذا كان جوابهم؟
إنه السكوت المطبق، وكأن لسان حالهم يردد:
للفتى عقل يعيش به * حيث يهدي ساقه قدمه أو:
ما إن ندمت على سكوتي مرة * ولقد ندمت على الكلام مرارا اما من تجرأ على الكلام منهم كعبد الله بن الأهتم التميمي فقد وصف الحجاج بن يوسف بأنه مثل أنبياء الله تعالى!!
قال ابن قتيبة بعد أن أورد له خطبته التي ساوى فيها بين المحسن والمسئ: فقام إليه عبد الله بن الأهتم التميمي فقال: أيها الأمير أشهد أنك أوتيت الحكمة وفصل الخطاب، فقال له: كذبت ذاك نبي الله داود (1).
ومما يستنتج من خطب الحجاج أمور هي:
1 - انه كان يشتم الناس من على منبره علنا، ويهددهم ويوعدهم قبل هذا وقد مر بي منذ زمن بعيد كلام - غاب عني مصدره - خلاصته ان عبد الملك بن مروان قد أوعز إلى الحجاج بقمع ثورة محمد بن عبد الرحمن بن الأشعث - على ما أظن - وأن يستعرض أنصارها من العراقيين بعد إخمادها واحدا بعد واحد على أن يقروا على أنفسهم بأنهم كفروا بعد الإيمان لأنهم خرجوا على عبد الملك ويعلنوا توبتهم بين يدي الحجاج، ومن أبى يقتله، وقد فعل الحجاج ذلك بهم، وأقروا على أنفسهم بالكفر بعد الإيمان وطلبوا قبول توبتهم من الحجاج، ولا معنى لهذا غير التقية. ومن طريف ما أتذكره ان شيخا كبيرا كان من جملة من اتي به ليقر بالكفر بعد الإيمان ويطلب التوبة، فقال الحجاج - وقد أراد قتله -: لا أظن أن هذه الشيبة قد ارتدت بعد الإسلام. فقال الشيخ - على الفور -: يا حجاج لا تخدعني عن نفسي، اني كنت مرتدا وها أنذا أتوب بين يديك، فضحك الحجاج وتركه.

(1) عيون الأخبار / ابن قتيبة 2: 264.
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»