الفقه والفقيه الفقه لغة الفهم والفطنة، وقد استعملها القرآن الكريم فيهما، قال تعالى: (لهم قلوب لا يفقهون بها) (1) ووردت في القرآن الكريم بمعنى التبصر بأمور الدين الأعم من العلم بالأحكام الشرعية في قوله تعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم) (2) قال الشهيد الثاني:
(الذي يحصل به الانذار غير هذا العلم المدون... ومثال هذا الفقيه في الاقتصار على علم الفقه المتعارف مثال من اقتصر في سلوك طريق الحج على علم حرز الرواية واخف ولا شك أنه لو لم يكن لتعطل الحج، ولكن المقتصر عليه ليس من الحاج في شئ..) (3).
وقد استعملت كلمة الفقه في الحديث الشريف أيضا بالمعنى المذكور، ففي الوسائل عن الرضا عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من حفظ على أمتي أربعين حديثا ينتفعون بها بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما) (4). قال بعض الشارحين: (ليس المراد به الفقه بمعنى الفهم فإنه لا يناسب المقام ولا العلم بالأحكام الشرعية فإنه مستحدث، بل المراد به البصيرة في الدين).
ويمكن تلمس استعمال كلمة الفقه بمعنى الأحكام الشرعية في الروايات عن أهل البيت كما في وصية الإمام أمير المؤمنين لولده الحسن عليهما السلام: (وتفقه يا بني في الدين) (5). أو في ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام عندما سئل أتحج المرأة عن الرجل، قال: (نعم، إذا كانت فقيهة مسلمة...) (6).
ونجد أن هذا الاستعمال قد شاع أواخر القرن الهجري الأول فقد سميت سنة