الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٣٢ - الصفحة ٢٤
قلنا: وكذلك البيت قال الله تعالى: فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا، فإن قالوا: ذلك مجاز، قلنا مثله في الدار.
وأيضا فلا خلاف أنه لو جعلها بستانا أو حماما ثم دخلها أنه لا يحنث، فكذلك إذا جعلها طريقا، والدليل على أن اسم الدار بعد انهدامها مجاز أنه لو حلف لا يدخل دارا فسلك براحا كان دارا لم يحنث فلو كان حقيقة لحنث.
مسألة 51: إذا حلف لا ألبس ثوبا من عمل يد فلان، فوهب له فلان ثوبا فإن لبسه حنث بلا خلاف، وإن استبدل به فباعه أو بادل به فلبسه لم يحنث، وكذلك لو حلف لا ألبس من غزل امرأته فإن لبس منه حنث، وإن باعه واشترى بثمنه ثوبا أو اشترى به ثوبا فلبسه لم يحنث، وكذلك لو قال له غيره: أحسنت إليك وأعتقتك بمالي ووهبت لك كذا، وأعطيتك كذا فقال جوابا لهذا: والله لا شربت لك ماء من عطش، تعلق الحكم بشرب مائه من عطش، فإن انتفع بغير الماء من ماله فأكل طعام، ولبس ثيابه، وركب دوابه لم يحنث، وبه قال الشافعي.
وقال مالك: يحنث بكل هذا فإن لبس بدل ذلك الثوب أو بدل ذلك الغزل أو انتفع من ماله بغير الماء حنث في كل هذا.
دليلنا: أنه ثبت عندنا أن الحكم إذا علق باسم لا يلتفت إلى سببه فإن كان عاما حمل على عمومه، وإن كان خاصا كذلك، ولا يلتفت إلى سببه خاصا كان أو عاما.
ومالك خالف في هذا الأصل، وقال: يجب حمله على سببه، وهذا بيناه في أصول الفقه، ويقوى في نفسي في قوله: لا شربت لك ماء من عطش أنه يحنث إذا انتفع بشئ من ماله لأن ذلك من فحوى الخطاب مثل قوله: ولا تقل لهما أف، وقوله: ولا يظلمون فتيلا، فإن المفهوم من ذلك منع كل أذى ونفي كل ظلم فكذلك هاهنا.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»