الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ٢٧ - الصفحة ٤٤
دليلنا على ما قلناه من أول وقت العصر: إجماع الفرقة، فإنهم لا يختلفون في أن الشمس إذا زالت فقد وجبت الصلاتان، إلا أن الظهر قبل العصر، وإنما الخلاف في آخر الوقت.
وأما ما روي من أخبار القدم، والقدمين، والذراع، والقامة وغير ذلك فقد بينا الوجه فيها في الكتابين المقدم ذكرهما، وبينا أن ذلك تقدير للنوافل لا للفريضة فكأنهم قالوا: يجوز النوافل ذلك القدر فإذا خرج وجبت البدأة بالفرض.
دليلنا على أن آخر الوقت ما قلناه: هو أن ما قلناه مجمع على أنه من وقت العصر، وما ذكروه ليس على كونه وقتا للأداء دليل. وقد بينا الوجه في الأخبار المختلفة في ذلك فيما أومأنا إليه من الكتابين.
مسألة 6: أول وقت المغرب، إذا غابت الشمس، وآخره إذا غاب الشفق وهو الحمرة، وبه قال أبو حنيفة، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو بكر بن المنذر في اختياره، وحكى أبو ثور هذا المذهب عن الشافعي، ولم يصححه أصحابه، إلا أن أبا حنيفة قال: الشفق هو البياض، لكنه كره تأخير المغرب.
وقال الشافعي وأصحابه: إن وقت المغرب وقت واحد، وهو إذا غابت الشمس، وتطهر وستر العورة وأذن وأقام فإنه يبتدئ بالصلاة في هذا الوقت، فإن أخر الابتداء بها عن هذا الوقت فقد فاته. وقال أصحابه: لا يجئ على مذهبه غير هذا. وبه قال الأوزاعي.
وذهب مالك إلى أن وقت المغرب ممتد إلى طلوع الفجر الثاني، كما أن وقت الظهر ممتد إلى المغرب، وفي أصحابنا من قال بذلك، ومنهم من قال: أن وقته ممتد إلى ربع الليل.
دليلنا: إن ما اعتبرناه مجمع عليه بين الفرقة المحقة أنه من الوقت، وإنما اختلفوا في آخره، وقد بينا الوجه فيما اختلف من الأخبار في هذا المعنى في
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»