الجمع بين الصلاتين - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢٤٩
لتلك الأوقات المعينة إلى سهولة الجمع بين الصلاتين بتجويز تقديم اللاحقة في وقت السابقة، أو تأخير السابقة إلى وقت اللاحقة، أما الجمع الصوري فليس فيه تغيير ولا تسهيل بل هو إيقاع للأوقات كما كانت عليه، بل هو بالعكس من تعريف الرخصة لأنه تغيير من سهولة إلى صعوبة كما علمت، فالقول بالجمع الصوري تشويه لوجه التشريع وقلب لحقيقته ونقض لمقصوده.
تاسعا: إن عبد الله بن عباس حين خطب في البصرة وناداه الناس: الصلاة الصلاة، وعدم مبالاته بهم واستمراره في خطبته لا يجيبهم، حتى جاء التميمي الذي صار يقول: الصلاة الصلاة، فناداه ابن عباس وهو مغضب: أتعلمني بالسنة؟ لا أم لك، ثم احتج عليه بالدليل والمستند بقوله: شهدت رسول الله (ص) جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، واستبعاد عبد الله بن شقيق واستغرابه لذلك الدليل حتى حاك في صدره منه شئ، ومجيئه إلى أبي هريرة وسؤاله عن ذلك وتصديق أبي هريرة لدليل ابن عباس، وجمع ابن عباس بالفعل بعد فراغه من الخطبة بين المغرب والعشاء، كما جمع النبي (ص)، كل ذلك وغير ذلك يبطل تأويلهم بأن الجمع كان صوريا، لأن ابن عباس أجل من أن يحتج بالجمع الصوري على الجمع الحقيقي.
عاشرا: من أحاديث الجمع بين الصلاتين، وأحاديث الأبراد بصلاة الظهر، وأحاديث أخرى كثيرة - إن النبي لم يجمع بالمدينة بين الصلاتين مرة واحدة حتى يؤول ذلك الجمع بأنه كان صوريا، بل جمع بين الصلاتين مرارا عديدة بل كثيرة جدا جمع تقديم وجمع تأخير، ولا سيما
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»