أبواب الكبائر)، إنما يريد بإطلاق كلمة (جمع) الجمع الحقيقي لا الصوري، لأنه هو المتبادر إلى الذهن.
وبهذه الحقيقة صرح كثير من أعلامهم، ومنهم الخطابي وإليك عبارته بنصها، قال: " ظاهر أسم الجمع لا يقع على من أخر الظهر حتى صلاها في آخر وقتها وعجل العصر فصلاها في أول وقتها، لأن هذا قد صلى كل صلاة منها في وقتها الخاص بها، وإنما الجمع المعروف أن تكون الصلاتان في وقت إحداهما، ألا ترى أن الجمع بينهما بعرفة والمزدلفة كذلك " (1).
ومعلوم أن كل تأويل خالف عرف الشرع والعرف المطلق يكون باطلا بلا ريب، كما صرح علماء الأصول بالاتفاق.
رابعا: إن السنة النبوية تبين بعضها بعضا، فعلى فرض - وفرض المحال ليس بمحال - أن الجمع لم يكن في عرف الشرع خاصا بالحقيقي، ولكن جمع النبي بين الصلاتين بأسفاره عين المراد منه لأنه كان يجمع جمع تقديم تارة بأن يصلي الظهر عند الزوال في أول الوقت ثم يصلي العصر بعدها مباشرة، ويصلي المغرب عند الغروب ثم يصلي العشاء بعدها بلا فاصل.. وجمع تأخير تارة أخرى بأن يؤخر الظهر إلى ما بعد دخول وقت العصر فيصليهما معا، ويؤخر المغرب إلى ما بعد دخول وقت العشاء وغياب الشفق فيصليهما في ذلك الوقت معا، وفي بعض الأحيان يصليهما بعد ذهاب ربع الليل، وهذا وارد في أسفاره بنصوص صريحة